للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنَّ أكثَرَ مُتأخِّري الشَّافعيةِ اختَارُوا القولَ بجَوازِ تَوليةِ الفاسِقِ، وأنه لا تُسلَبُ وِلايتُه، كما نَصَّ على ذلكَ النَّوويُّ في «الرَّوضة»، وحكَى عنِ الغَزاليِّ أنه استُفتيَ فيهِ فقالَ: إنْ كانَ بحيثُ إذا سلَبْناهُ الولايةَ لانتقَلَتْ إلى حاكِمٍ يَرتكبُ ما يُفسِّقُه وُلِّيَ، وإلَّا فلا.

قالَ النَّوويُّ : وهذا الذي قالَهُ حسَنٌ، ويَنبغي أنْ يكونَ العملُ بهِ، واللهُ أعلَمُ، وبه أفتَى ابنُ الصَّلاحِ وقوَّاهُ السُّبكيُّ، وقالَ الأذرعيُّ: لي منذُ سِنينَ أُفتي بصحَّةِ تَزويجِ الوَليِّ الفاسِقِ.

واختارَهُ جَمعٌ مِنْ المُتأخِّرينَ إذا عَمَّ الفِسقُ.

وحُكيَ قَولٌ للشَّافعيِّ أنه يَنعقدُ بشَهادةِ فاسقَينِ؛ لأنَّ الفِسقَ إذا عَمَّ ناحِيةً وانقَطعَ النكاحُ انقَطعَ النَّسلُ المَقصودُ بقاؤُه، فكذا هذا، وكما جازَ أكلُ المَيتةِ للمُضطرِ لِبَقائِه فكذا هذا لبَقاءِ النَّسلِ.

وأمَّا الإمامُ الأعظَمُ فلا يَنعزلُ بالفِسقِ، فيزوِّجُ بَناتِه إنْ لم يكنْ لهنَّ وَليٌّ خاصٌّ، وبناتِ غيرِه بالولايةِ العامَّةِ وإنْ فسقَ؛ تَفخيمًا لشأنِه (١).

وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: يُشترطُ في الوَليِّ العَدالةُ ولو ظاهِرةً، إلَّا في سُلطانٍ فلا يُشترطُ في تَزويجِه بالولايةِ العامَّةِ مَنْ لا وَليَّ لها العَدالةُ؛ للحاجَةِ (٢).


(١) المصادر السابقة.
(٢) «المغني» (٧/ ١٧)، و «المبدع» (٧/ ٣٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٣٤، ١٣٥)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>