قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: الشَّرطُ السادسُ: العَدالةُ: في كَونِها شَرطًا رِوايتانِ:
إحداهُما: هيَ شَرطٌ، قالَ أحمدُ: إذا كانَ القاضي مثلَ ابنِ الحلَبيِّ وابنِ الجَعديِّ استَقبلَ النكاحَ، فظاهِرُ هذا أنه أفسَدَ النكاحَ؛ لانتِفاءِ عَدالةِ المُتولِّي له، وهذا قَولُ الشافعيِّ؛ وذلك لِما رُويَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ ﵄ أنه قالَ:» لا نِكاحَ إلَّا بوَليٍّ مُرشِدٍ وشاهِدَي عَدلٍ»، قالَ أحمَدُ: أصَحُّ شيءٍ في هذا قَولُ ابنِ عبَّاسٍ، وقد رُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «لا نِكاحَ إلَّا بوَليٍّ وشاهِدَي عَدلٍ، وأيُّما امرأةٍ أنكَحَها وَليٌّ مَسخوطٌ عليهِ فنِكاحُها باطِلٌ»، ورُويَ عن أبي بكرٍ البَرقانِيِّ بإسنادِه عن جابرٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «لا نِكاحَ إلا بوَليٍّ مُرشِدٍ وشاهِدَي عَدلٍ»، ولأنها وِلايةٌ نَظريةٌ، فلا يَستبدِئُها الفاسِقُ كولايةِ المالِ.
والرِّوايةُ الأُخرى: ليسَتْ بشَرطٍ، نقَلَ مُثنَّى بنُ جامِعٍ أنه سَألَ أحمدَ: إذا تزوَّجَ بوَليٍّ فاسِقٍ وشُهودٍ غيرِ عُدولٍ؟ فلم يَرَ أنه يَفسدُ مِنْ النكاحِ شَيءٌ، وهذا ظاهِرُ كَلامِ الخِرقيِّ؛ لأنه ذكَرَ الطِّفلَ والعبدَ والكافرَ ولم يَذكُرِ الفاسقَ، وهو قَولُ مالكٍ وأبي حَنيفةَ وأحَدُ قولَي الشافعيِّ؛ لأنه يَلِي نكاحَ نَفسِه، فتَثبتُ له الولايةُ على غيرِه كالعُدولِ، ولأنَّ سبَبَ الوِلايةِ القَرابةُ وشرْطَها النظرُ، وهذا قَريبٌ ناظِرٌ، فيَلِي كالعدلِ (١).
(١) «المغني» (٧/ ١٧)، و «المبدع» (٧/ ٣٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٣٤، ١٣٥)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٥٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute