للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشَّافعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه يُشترطُ في الوليِّ أنْ يكونَ عَدلًا ولو ظاهِرًا، فلا وِلايةَ لفاسِقٍ غيرِ الإمامِ الأعظَمِ فتَصحُّ ولايتُه، أمَّا غيرُه فلا تَصحُّ؛ لقَولِ ابنِ عبَّاسٍ : «أيُّما امرأةٍ أنكَحَها وَليٌّ مَسخوطٌ عليهِ فنِكاحُها باطِلٌ» (١)، وقولِه: «لا نِكاحَ إلَّا بوَليٍّ مُرشِدٍ وشاهِدَيْ عَدلٍ» (٢)، والمُرشِدُ بمَعنى الرَّشيدِ، كالمُصلِحِ بمَعنى الصالحِ، والفاسقُ ليسَ برَشيدٍ، ولأنَّ الوِلايةَ مِنْ بابِ الكَرامةِ، والفِسقُ سَببُ الإهانةِ، ولهذا لم تُقبَلْ شهادتُه، ولأنه نَقصٌ يَمنعُ مِنْ الشهادةِ، فوجَبَ أنْ يَمنعَ مِنْ الولايةِ كالرِّقِّ، ولأنها وِلايةٌ يَمنعُ منها الرِّقُ، فوجَبَ أنْ يَمنعَ منها الفِسقُ كالولايةِ على المالِ، ولأنَّ مَنْ تولَّى عقْدَ النكاحِ في حَقِّ غيرِه منَعَ الفِسقُ مِنْ عَقدِه كالحاكمِ.

فإذا ثبَتَ أنَّ وِلايةَ الفاسِقِ في النكاحِ باطِلةٌ فالولايةُ تُنقَلُ عنه إلى مَنْ هو أبعَدُ منه، فإنْ زالَ فِسقُه عادَتِ الولايةُ إليهِ وانتقَلَتْ عمَّن هو أبعَدُ منه (٣).


(١) صَحيحٌ مَوقوفًا ضَعيفٌ مَرفوعًا: رواه الدارقطني (٣٥٢١)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٣٤٩٤).
(٢) صَحيحٌ مَوقوفٌ على ابنِ عبَّاسٍ: رواه البيهقي (١٣٤٢٨)، والبغوي في «شرح السنة» (٢٢٦٤).
(٣) «الأم» (٧/ ٢٢٢)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٦٢) «البيان» (٩/ ١٧٠، ١٧١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٧٠٣)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٩٠)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٥٦٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٦٠)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٦٠٨، ٦٠٩)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٢٧٦)، و «الديباج» (٣/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>