للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشَّافعيةُ: لا يكونُ المُسلمُ وليًّا على كافرةٍ إلَّا على أمَتِه، فإنْ كانَ للمُسلمِ ابنةٌ كافرةٌ .. فلا وِلايةَ له عليها؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٣]، فدَلَّ على أنه لا وِلايةَ للمُسلمِ عليها .. فإنْ كانَ لها وليٌّ كافرٌ .. زوَّجَها؛ للآيةِ، وإنْ لم يكنْ لها وليٌّ كافرٌ .. زوَّجَها الحاكمُ؛ لقولِه : «فالسُّلطانُ وليُّ مَنْ لا وَليَّ له»، ولم يُفرِّقْ، ولأنَّ ولايتَه عامَّةٌ، فدخَلَتْ فيها المُسلمةُ والكافرةُ.

وإنْ كانَ للمُسلمِ أمَةٌ كافرةٌ .. فهل له عليها وِلايةٌ في النكاحِ؟ فيه وجهانِ:

أصَحُّهما: له عليها وِلايةٌ؛ لأنها ولايةٌ مُستفادةٌ بالمِلكِ، فلمْ يَمنعِ اختِلافُ الدِّينِ منها، كالفسقِ لمَّا لم يُؤثِّرْ في مَنعِ تَزويجِ أمَتِه فكذلكَ كُفرُها.

والثَّاني: ليسَ بوَليٍّ لها؛ لأنه إذا لم يَملكْ تَزويجَ ابنَتِه الكافرةِ .. فلَأنْ لا يَملكَ تزويجَ أمَتِه الكافِرةِ أَولى، وحُملَ النَّصُّ على الولايةِ في عقدِ البيعِ والإجارةِ .. والأوَّلُ أصَحُّ.

وإنْ كانَ للكافرِ أمَةٌ مُسلمةٌ .. فهل له أنْ يزوِّجَها؟ قالَ ابنُ الصبَّاغِ: فيه وَجهانِ، كما قُلنَا في تَزويجِ المُسلمِ لأمَتِه الكافرةِ (١).

وقالَ ابنُ حَزمٍ : لا يكونُ الكافِرُ وليًّا للمُسلمةِ، ولا المُسلمُ وليًّا للكافرةِ، الأبُ وغيرُه سَواءٌ، والكافرُ وليُّ للكافرةِ الَّتي هي وَليتُه يُنكِحُها مِنْ المُسلمِ والكافِرِ.


(١) «البيان» (٩/ ١٧٤)، و «كفاية الأخيار» (٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>