للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيةُ: إنْ كانَ الوليُّ مُسلمًا والمُولَّى عليهِ كافًرا فلا وِلايةَ له عليهِ؛ لأنَّ المُسلمَ لا يَرثُ الكافِرَ كما أنَّ الكافِرَ لا يَرثُ المُسلمَ؛ قالَ النبيُّ : «لا يَرثُ المُؤمِنُ الكافِرَ، ولا الكافِرُ المُؤمنَ» (١).

وقالَ المالِكيةُ في المَشهورِ مِنْ المَذهبِ: لا يكونُ المُسلمُ وليًّا على امرأةٍ كافرةٍ قَريبتِه أو غيرِها؛ لقولِه تعالَى: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنفال: ٧٢]، إلا أنه إذا وقَعَ وتولَّى المُسلمُ نِكاحَها؛ فإنْ كانَ لمُسلمٍ فُسِخَ، وإنْ زوَّجَها لكافرٍ تُركَ ولا نتعرَّضُ لهُ، وقد ظلَمَ المُسلمُ نفْسَه؛ لإعانَتِه الكافرَ على ذلكَ العقدِ.

وقيلَ: له الوِلايةُ عليهَا، وقالَ ابنُ وَهبٍ: يزوِّجُها مِنْ مُسلمٍ لا مِنْ كافرٍ.

إلَّا لأمَةِ ومُعتَقةٍ مِنْ غيرِ نِساءِ الجِزيةِ، والمعنى أنَّ المُسلمَ إذا كانَتْ له أمَةٌ كافرةٌ أو مُعتَقةٌ كذلكَ فإنه يَجوزُ له أنْ يزوِّجَها، بشَرطِ أنْ تكونَ المُعتَقةُ مِنْ غيرِ نِساءِ الرِّجالِ الذينَ يُؤدُّونَ الجِزيةَ، بأنْ أعتَقَها وهو مُسلمٌ ببِلادِ الإسلامِ، وأمَّا لو أعتَقَها كافرٌ ثمَّ أسلَمَ فلا يزوِّجُها إلا أهلَ الكُفرِ، إلَّا أنْ تُسلِمَ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٣٩)، و «الهداية» (١/ ١٩٩)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٠)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٨٥)، و «درر الحكام» (١/ ٣٣٨)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٥٩ و «اللباب» (٢/ ٣٠)، و «مجمع الأنهر» (١/ ٤٩٧).
(٢) «التاج والإكليل» (٢/ ٥٠٥)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٨٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٩، ٣٠)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٦٩، ٥٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>