للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو على تلك الحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثم استَأذَنَ عمرُ فَأَذِنَ له وهو كَذلك فَتَحَدَّثَ، ثم استَأذَنَ عُثمانُ … الحَديثَ» (١)، وهَذا يَدلُّ على أنَّه ليس بعَورةٍ، ولأنَّه ليس بمَخرَجٍ لِلحَدثَ، فلم يكن عَورةً، كالسَّاقِ، وعليه يَجوزُ أن يَنظرَ الرَّجلُ إلى غيرِ القُبُلِ والدُّبُرِ مِنْ الرَّجلِ.

ولَه أن يَنظرَ إلى السُّرَّةِ عندَ الجُمهورِ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والحَنابلَةِ وهو الصَّحيحُ عندَ الشَّافعيَّةِ، وفي قَولٍ للشَّافعيَّةِ هي عَورةٌ، والدَّليلُ على أنَّها ليست مِنْ العَورةِ ما رُويَ عن ابنِ عمرَ أنَّه كانَ إذا ائتَزرَ أبدَى عن سُرَّتهِ، وقالَ أبو هُريرةَ لِلحَسَنِ : أَرِني المَوضعَ الذي كانَ يُقبِّله رَسولُ اللهِ مِنكَ، فأبدَى عن سُرَّتِه فقبَّلها أبو هُريرةَ ، والتَّعامُلُ الظَّاهرُ فيما بينَ النَّاسِ أنَّهم إذا ائتَزَروا في الحَمَّاماتِ أبدَوا عن السُّرَّةِ من غيرِ نَكيرِ مُنكِرٍ دَليلٌ على أنَّه ليس بعَورةٍ.

ثم اختَلَفوا هَلْ له أن يَنظرَ إلى الرُّكبةِ أو لا؟

فذَهب الحَنفيَّةُ والشَّافعيَّةُ في قَولٍ إلى أنَّه لا يَجوزُ أن يَنظرَ إلى الرُّكبَةِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «الرُّكبَةُ مِنْ العَورةِ» (٢)، ولأنَّ الرُّكبةَ عُضوٌ مُركَّبٌ مِنْ عَظمِ السَّاقِ والفَخِذِ على وَجهٍ يَتعَذَّرُ تَميِيزهُ، والفَخِذُ مِنْ العَورةِ، والسَّاقُ ليست مِنْ العَورةِ، فعندَ الاشتباهِ يجبُ العَملُ بالاحتِياطِ، وذلكَ فيما قُلنا بخِلافِ السُّرَّةِ؛ لأنَّه اسمٌ لمَوضعٍ مَعلومٍ لا اشتباهَ فيه، وقد رُويَ


(١) رواه مسلم (٢٤٠١).
(٢) رواه الدارقطني (١/ ٢٣١)، وفي إسناده: أبو الجنوب، قال الدارقُطني ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>