للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنسٍ «أنَّ النبيَّ أتَى فاطِمةَ بعبدٍ قد وهَبَهُ لها، وعلى فاطِمةَ ثَوبٌ إذا قنَّعَتْ به رأسَها لم يَبلغْ رِجلَيها، وإذا غَطَّتْ به رِجلَيها لم يَبلغْ رأسَها، فلمَّا رَأى رسولُ الله ما تَلْقَى قالَ: إنه ليسَ عليكِ بأسٌ، إنَّما هو أبوكِ وغُلامُكِ» (١) رواهُ أبو داودَ.

وكَرِهَ أبو عبدِ اللهِ له أنْ يَنظرَ إلى شَعرِ مَولاتِه، وهو قولُ سعيدِ بنِ المُسيِّبِ وطاوُسٍ ومُجاهدٍ والحسَنِ، وأباحَ له ذلكَ ابنُ عبَّاسٍ؛ لِما ذكَرْنا مِنْ الآيتَينِ والحَديثينِ، ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ﴾ إلى قولِه: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ﴾ [النور: ٥٨]، ولأنه يَشُقُّ التحرُّزُ منه، فأُبيحَ له ذلكَ كذَوِي المَحارمِ.

وقالَ أصحابُ الشَّافعيِّ: هو مَحرمٌ حُكمُه حُكمُ المَحارمِ مِنْ الأقاربِ في أحَدِ الوَجهينِ؛ لِما ذكَرْنا مِنْ الدَّليلِ، ولأنهُ مُحرَّمٌ عليها فكانَ مَحرَمًا كالأقاربِ.

ولنا: ما رَوى ابنُ عُمرَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ : «سَفَرُ المرأةِ مع عَبدِها ضَيعةٌ» (٢) رواهُ سَعيدٌ، ولأنها لا تَحرمُ عليه على التأبيدِ ولا يَحلُّ له استِمتاعُها، فلم يَكنْ مَحرَمًا كزَوجِ أختِها، ولأنه غيرُ مأمونٍ عليها؛ إذ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤١٠٦).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه البزار (٥٩٩٣)، وقالَ: وهذا الحَديثُ لا نَعلمُه يُروى عن رسولِ اللهِ إلَّا مِنْ هذا الوجهِ، ولا نَعلمُ حدَّثَ عن بزيعٍ إلَّا إسماعيلُ بنُ عيَّاشٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>