للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليسَتْ بينَهُما نَفرةُ المَحرميةِ، والمِلكُ لا يَقتضِي النَّفرةَ الطَّبيعيةِ، بدَليلِ السَّيدِ مع أمَتِه، وإنَّما أُبيحَ له مِنْ النظرِ ما تَدعُو الحاجَةُ إليهِ، كالشَّاهدِ والمُبتاعِ ونَحوِهما، وجعَلَه بعضُ أصحابِنا كالأجنَبيِّ؛ لِما ذكَرْناهُ، والصَّحيحُ ما قُلنَا إنْ شاءَ اللهُ تعالَى (١).

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : قولُه: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ يَدلُّ على أنَّ لها أنْ تُبديَ الزِّينةَ الباطِنةَ لمَملوكِها، وفيهِ قَولانِ:

قيلَ: المُرادُ الإماءُ والإماءُ الكِتابيَّاتُ، كما قالَهُ ابنُ المُسيِّبِ، ورجَّحَه أحمدُ وغيرُه.

وقيلَ: هو المَملوكُ الرَّجلُ، كما قالَهُ ابنُ عبَّاسٍ وغيرُه، وهو الرِّوايةُ الأُخرى عن أحمدَ.

فهذا يَقتضِي جوازَ نظَرِ العبدِ إلى مَولاتِه، وقد جاءَتْ بذلكَ أحادِيثُ، وهذا لأجْلِ الحاجةِ؛ لأنها مُحتاجةٌ إلى مُخاطَبةِ عَبدِها أكثرَ مِنْ حاجتِها إلى رُؤيةِ الشَّاهدِ والمُعامِلِ والخاطِبِ، فإذا جازَ نظَرُ أولئكَ فنَظرُ العبدِ أَولى، وليسَ في هذا ما يُوجِبُ أنْ يكونَ مَحرَمًا يُسافِرُ بها كغيرِ أُولي الإربةِ؛ فإنهم يَجوزُ لهم النظرُ وليسوا مَحارِمَ يُسافِرونَ بها، فليسَ كلُّ مَنْ جازَ له النَّظرُ جازَ له السَّفرُ بها ولا الخَلوةُ بها، بل عَبدُها يَنظرُ إليها للحاجةِ وإنْ كانَ لا يَخلُو بها ولا يُسافِرُ بها (٢).


(١) «المغني» (٧/ ٧٦).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>