للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : وإذا ملَكَتِ المرأةُ عبدًا فهل يَكونُ كالمَحرَمِ لها في جَوازِ النَّظرِ والخَلوةِ به؟ فيهِ وَجهانِ:

أحَدُهما: أنه يَصيرُ مَحرمًا لها في ذلكَ، قالَ في «المُهذَّب»: وهو المَنصوصُ؛ لقولِه تعالَى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ [النور: ٣١]، فعَدَّه مع ذَوِي المَحارمِ.

ورَوتْ أمُّ سلَمَة أنَّ النَّبيَّ قالَ: «إذا كانَ مع مُكاتَبِ إحداكُنَّ وَفاءٌ فلْتَحتجِبْ منه» (١)، فلولا أنَّ الاحتِجابَ لم يَكنْ واجِبًا عليهنَّ قبلَ ذلكَ لَمَا أمَرَهنَّ به.

ورُويَ: «أنَّ النبيَّ أعطَى فاطِمةَ غُلامًا، فأرادَ النبيُّ أنْ يَدخلَ عليها ومعهُ عليٌّ والغُلامَ وهيَ فُضُلٌ -أي: ليسَ عليها إلَّا ثَوبٌ واحِدٌ- فأرادَتْ أنْ تُغطِّيَ به رأسَها ورِجلَيها فلم يَبلُغْ، فقالَ لها النبيُّ : «لا بأسَ عليكِ، إنَّما هو أبوكِ وزَوجُكِ وخادِمُكِ» (٢).

ولأنَّ المِلكَ سَببُ تَحريمِ الزَّوجيةِ بينَهُما، فوجَبَ أنْ يكونَ مَحرَمًا لها كالنَّسبِ والرَّضاعِ.

والثَّاني: لا يكونُ مَحرمًا لها، قالَ الشَّيخُ أبو حامِدٍ: وهو الصَّحيحُ عندَ أصحابِنا؛ لأنَّ الحُرمةَ إنَّما تَثبتُ بينَ شَخصينِ لم تُخلَقْ بينَهُما شهوةٌ كالأخِ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٩٢٨)، والترمذي (١٢٦١)، وابن ماجه (٢٥٢٠).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>