للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفهمِ العبَّاسُ أنَّ النَّظرَ جائزٌ ما سَألَ، ولو لم يَكنْ ما فَهِمَه جائِزًا لَمَا أقَرَّه عليهِ.

قالَ المالِكيةُ: الوَجهُ والكفَّانِ ظاهِرُهما وباطِنُهما ليسَا بعَورةٍ، فيَجوزُ النَّظرُ لهُما بلا لذَّةٍ ولا خَشيةِ فِتنةٍ مِنْ غيرِ عُذرٍ ولو شَابةً، وقالَ مالِكٌ: تأكُلُ المرأةُ معَ غيرِ ذِي مَحرِمٍ ومعَ غُلامِها، وقد تَأكلُ مع زَوجِها وغيرِه ممَّنْ يُؤاكِلُه، ابن القطان: فيهِ إباحةُ إبداءِ المرأةِ وجْهَها ويَدَيها للأجنَبيِّ؛ إذْ لا يُتصوَّرُ الأكلُ إلَّا هَكذا (١).

وقالَ الإمامُ النَّفراويُّ المالِكيُّ : مَفهومُ كَلامِ المُصنِّفِ يَقتضِي أنَّ رُؤيةَ وَجهِ الشَّابةِ لغيرِ عُذرٍ فيهِ الحَرجُ -أي الإثمُ-، وظاهِرُه: ولو لغيرِ قَصدِ اللَّذةِ، وهو أحَدُ قَولينِ؛ لأنَّ نظَرَ وجهِ الشابَّةِ مَظنةٌ للالتِذاذِ، والقَولُ الآخَرُ: لا حرَجَ عندَ عدمِ قَصدِ الالتِذاذِ؛ لأنَّ القَلشانِيَّ نقَلَ عنِ ابنِ مُحرزٍ أنَّ النَّظرَ إلى وجهِ الأجنَبيةِ مَكشوفًا بغيرِ لذةٍ جائِزٌ، وقالَ القَرافِيُّ في تَرجمةِ عيسَى الغُبْرينيِّ عنِ ابنِ ناجِي عندَ قَولِ «المُدوَّنة»: (وجائزٌ أنْ يَنظرَ إلى شَعرِ المرأةِ ووَجهِها) أنَّ القَولَ بالمَنعِ أنكَرَه الحُفَّاظُ مِنْ أهلِ عَصرِه، وأفهَمَ تَمثيلُ المُصنِّفُ العُذرَ بالشاهِدِ والطَّبيبِ أنَّ التَّعليمَ ليسَ مِنْ العُذرِ، فلا يَجوزُ النَّظرُ إلى وَجهِ الشَّابةِ عندَ تَعليمِ عِلمٍ أو قُرآنٍ، وظاهِرُه: ولو عَرَا عن قَصدِ اللَّذةِ، ولعَلَّ وجْهَه: لأنَّ مُداوَمةَ النَّظرِ يَنشأُ عنها الالتِذاذُ غالبًا،


(١) «شرح مختصر خليل» (١/ ٢٤٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (١/ ٣٤٥)، و «حاشية الصاوي على الصغير» (١/ ٤٨٢)، و «مواهب الجليل» (٢/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>