للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجنَبيةِ إذا أَمِنَ على نَفسِه الفِتنةَ وأَمِنَ مِنْ الشَّهوةِ، ولا يأثَمُ بالنَّظرِ لغَيرِ شَهوةٍ، ويَبقَى على عَدالتِه، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: ٣١]، وفسَّرَ ذلكَ عَليٌ وابنُ عبَّاسٍ بالكُحلِ والخَاتمِ، والمُرادُ مَوضِعُهما، أي الوَجهُ والكَّفُ، ولأنَّ في إبداءِ الوجهِ والكَفِّ ضَرورةً.

وعن عائِشةَ «أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بَكرٍ دخَلَتْ على رسولِ اللهِ وعليها ثِيابٌ رِقَاقٌ، فأعرَضَ عنها رسولُ اللهِ وقالَ: يا أسماءُ إنَّ المرأةَ إذا بلَغَتِ المَحيضَ لمْ تَصلُحْ أنْ يُرَى منها إلَّا هذا وهذا، وأشارَ إلى وَجهِه وكَفَّيْهِ» (١)، ولأنه ليسَ بعَورةٍ، فلمْ يَحرمِ النَّظرُ إليهِ بغَيرِ رِيبةٍ كوجهِ الرَّجلِ.

وروَى عَليٌّ : «أنَّ النبيَّ أردَفَ الفَضلَ بنَ العبَّاسِ خَلْفَه في حجَّةِ الوَداعِ، فأتَتِ امرأةٌ مِنْ خَثْعَمٍ إلى النبيِّ تَستَفتيهِ، فجعَلَ الفَضلُ يَنظرُ إليها وتَنظرُ إليهِ، فلَوَى النبيُّ عُنُقَ الفَضلِ، فقالَ العبَّاسُ : لَوَيْتَ عُنقَ ابنِ عمِّكَ، فقالَ : رأيتُ شَابًّا وشابَّةً فلمْ آمَنِ الشَّيطانَ عليهِما» (٢)، وفي هذا دَليلٌ على جَوازِ النَّظرِ عندَ أَمنِ الفِتنةِ مِنْ حَيثُ أنه لم يأمُرْها النبيُّ بتَغطيةِ وَجهِها، ولو لم


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤١٠٤).
(٢) رواه الإمام مالكٌ في «الموطأ» (٧٩٨)، والترمذي (٨٨٥)، وأحمد (٥٦٢)، وأصله في البخاري (١٤٤٢)، ومسلم (١٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>