للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهَى مُعاويةَ ولا أبا جَهمٍ عمَّا صنَعَا، والأغلَبُ أنَّ أحَدُهما خطَبَها بعدَ الآخَرِ، فإذا أذنَتِ المَخطوبةُ في إنكاحِ رَجلٍ بعَينِه لم يَجُزْ خِطبتُها في تلكِ الحالِ (١).

وذكَرَ ابنُ عَبدِ البَرِّ (٢) أنَّ ابنَ وَهبٍ روى بإسنادِه عنِ الحارثِ بن سَعدٍ بنِ أبي ذُبَابٍ «أنَّ عمَرَ بنَ الخطَّابِ خطَبَ امرأةً على جَريرِ بنِ عبدِ اللهِ وعلى مَروانَ بنِ الحكَمِ وعلى عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ، فدخَلَ على المَرأةِ وهيَ جالِسةٌ في بَيتِها فقالَ عُمرُ: إنَّ جريرَ بنَ عبدِ اللهِ البَجليَّ يَخطبُ وهو سيِّدُ أهلِ المَشرقِ، ومَروانَ يَخطبُ وهوَ سيِّدُ شَبابِ قُريشٍ، وعبدَ اللهِ بنَ عُمرَ وهو مَنْ قد عَلِمْتُم، وعُمرُ بنُ الخطَّابِ، فكشَفَتِ المَرأةُ السِّتْرَ فقالَتْ: أجادٌّ أميرُ المُؤمنينَ؟ فقالَ: نعَمْ، فقالَتْ: فقدْ أنكَحْتُ أميرَ المُؤمنينَ فأَنكِحُوه»، فهذا عُمرُ قد خطَبَ على واحِدٍ بعدَ واحِدٍ قبلَ أنْ يعلَمَ ما تقولُ المَرأةُ في الأولِ، فدَلَّ ذلكَ على جَوازِ الخِطبةِ في هذهِ الحالةِ (٣).

وقالَ الإمامُ مالِكٌ : وتَفسيرُ قولِ رسولِ اللهِ فيما نَرَى واللهُ أعلَمُ: «لا يَخطُبْ أحَدُكم على خِطبةِ أخيهِ» أنْ يَخطبَ الرَّجلُ المرأةَ فتَركَنَ إليهِ ويتَّفقانِ على صَداقٍ واحِدٍ مَعلومٍ وقدْ تَراضَيَا، فهي تَشترطُ عليهِ لنَفسِها، فتلكَ الَّتي نهَى أنْ يَخطبَها الرَّجلُ على خِطبةِ أخيهِ،


(١) «الأم» (٥/ ٣٩).
(٢) «التمهيد» (١٣/ ٢١).
(٣) «المغني» (٧/ ١١٠)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٨٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>