قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ ﵀: أخبَرَنا مُحمدُ بنُ إسماعيلَ عن ابنِ أبي ذِئبٍ عن مُسلمٍ الخيَّاطِ عن ابنِ عُمرَ «أنَّ النبيَّ ﷺ نَهَى أنْ يَخطُبَ الرَّجلُ على خِطبةِ أخيهِ حتَّى يَنْكِحَ أو يَتركَ».
قالَ الشَّافعيُّ: فكانَ الظَّاهرُ مِنْ هذهِ الأحادِيثِ أنَّ مَنْ خطَبَ امرأةً لم يكُنْ لأحَدٍ أنْ يَخطبَها حتَّى يأذَنَ الخاطِبُ أو يدَعَ الخِطبةَ، وكانَتْ مُحتملةً لَأنْ يكونَ نهي النبيِّ ﷺ أنْ يَخطبَ الرَّجلُ على خِطبةِ أخيهِ في حالٍ دُونَ حالٍ، فوجَدْنا سُنةَ النبيِّ ﷺ تَدلُّ على أنهُ ﷺ إنَّما نهَى عنها في حالٍ دونَ حالٍ …
ثمَّ ذكَرَ حَديثَ فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ ثمَّ قالَ: فكَمَا بيَّنَّا أنَّ الحالَ الَّتي خطَبَ فيها رسولُ اللهِ ﷺ فاطِمةَ على أسامةَ غيرَ الحالِ التي نَهَى عنِ الخِطبةِ فيها، ولم يكُنْ للمَخطوبةِ حالانِ مُختلفَيِ الحُكمِ، إلَّا بأنْ تأذَنَ المَخطوبةَ بإنكاحٍ رَجلٍ بعَينهِ، فيكونُ للوليِّ أنْ يزوِّجَها جازَ النكاحُ عليها، ولا يكونُ لأحَدٍ أنْ يَخطبَها في هذهِ الحالِ حتَّى يأذَنَ الخاطِبُ أو يَتركَ خِطبتَها، وهذا بيِّنٌ في حديثِ ابنِ أبي ذِئبٍ، وقد أعلَمَتْ فاطِمةُ رسولَ اللهِ ﷺ أنَّ أبا جَهمٍ ومُعاويةَ خَطَباها، ولا أشُكُّ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى أنَّ خِطبةَ أحَدِهما بعدَ خِطبةِ الآخرِ، فلمْ يَنهَهُما ولا واحِدًا منهُما، ولم نَعلَمْه أنها أذنَتْ في واحِدٍ منهُما فخطَبَها على أسامةَ، ولمْ يكُنْ لِيَخطبَها في الحالِ التي نهَى فيها عنِ الخِطبةِ، ولم أعلَمْه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute