للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لا يَحلُّ للرَّجلِ أنْ يَخطُبَ على خِطبةِ أخيهِ»، وتَجبُ عُقوبةُ مَنْ فعَلَ ذلكَ وأعانَ عليهِ عُقوبةً تَمنعُهم وأمثالَهم عن ذلكَ، وهل يَكونُ نكاحُ الثَّاني صَحيحًا أو فاسِدًا؟ فيه قولانِ للعُلماءِ في مَذهبِ مالكٍ وأحمَدَ وغَيرِهما (١).

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : قالَ الجُمهورُ: هذا النهيُ للتحريمِ، وقالَ الخطَّابيُّ: هذا النهيُ للتأدِيبِ وليسَ بنَهيِ تَحريمٍ يُبطِلُ العقدَ عِند أكثرِ الفُقهاءِ، كذا قالَ، ولا مُلازَمةَ بينَ كونِه للتَّحريمِ وبينَ البُطلانِ عندَ الجُمهورِ؛ بل هو عندَهم للتحريمِ ولا يَبطلُ العَقدُ، بل حكَى النَّوويُّ أنَّ النَّهيَ فيه للتَّحريمِ بالإجماعِ (٢).

ومَحلُّ الحُرمةِ إذا كانَ الخاطِبُ الأوَّلُ عَدلًا، فإنْ كانَ فاسِقًا فاختَلفَ الفُقهاءُ فيهِ؛ فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ إلى أنهُ لا يَجوزُ أيضًا؛ لعُمومِ الأحاديثِ، سواءٌ كانَ الأولُ كفئًا أو غيرَ كُفءٍ.

وذهَبَ المالكيةُ في الصَّحيحِ عِندَهم إلى أنهُ يَجوزُ أنْ يَخطبَها آخَرُ إنْ كانَ الأولُ فاسِقًا، فإنْ خِطبتَها لا تَحرُمُ إذا كانَ الثَّاني صالحًا أو مجهولًا، وإلَّا حَرُمَ، وينبغِي للوليِّ أنْ يَحُضَّها على تزويجِ الصَّالحِ الذي يُعلمُها الخيرَ ويُعِينُها عليهِ (٣).


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٩).
(٢) «فتح الباري» (٩/ ١٩٩).
(٣) «مواهب الجليل» (٥/ ٣٥)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٨٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٧)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٣٧)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>