للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا نَعلمُ في هذا خِلافًا بينَ أهلِ العلمِ، إلَّا أنَّ قَومًا حمَلُوا النهيَ على الكَراهةِ، والأولُ أَولى (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ بعدَ ذِكرِ هذهِ الأحاديثِ: هذهِ الأحادِيثُ ظاهِرةٌ في تَحريمِ الخِطبةِ على خِطبةِ أخيهِ، وأجمَعُوا على تَحريمَها إذا كانَ قد صُرِّحَ للخاطِبِ بالإجابةِ ولم يأذَنْ ولم يَتركْ، فلو خطَبَ على خِطبتِه وتزوَّجَ والحالَةُ هذهِ عَصَى وصَحَّ النكاحُ ولم يُفسَخْ، هذا مَذهبُنا ومَذهبُ الجُمهورِ، وقالَ داودُ: يُفسَخُ النكاحُ، وعن مالِكٍ رِوايتانِ كالمَذهبَينِ، وقالَ جَماعةٌ مِنْ أصحابِ مالكٍ: يُفسخُ قبلَ الدُّخولِ لا بعدَه (٢).

وسُئلَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ عن رَجلٍ خطَبَ ابنةَ رَجلٍ مِنْ العُدولِ، واتَّفقَ معهُ على المَهرِ منهُ عاجِلٌ ومنهُ آجِلٌ، وأوصَلَ إلى والِدِها المُعجَّلَ مِنْ مدَّةِ أربعِ سِنينَ وهو يُواصِلُهم بالنَّفقةِ، ولم يكُنْ بينَهُم مُكاتَبةٌ، ثمَّ بعدَ هذا جاءَ رَجلٌ فخَطَبها وزادَ عليهِ في المَهرِ ومنَعَ الزَّوجَ الأولَ.

فأجابَ: لا يَحلُّ للرَّجلِ أنْ يَخطبَ على خِطبةِ أخيهِ إذا أُجيبَ إلى النكاحِ وركَنُوا إليهِ باتِّفاقِ الأئمَّةِ، كما ثبَتَ عنِ النبيِّ أنهُ قالَ:


(١) «المغني» (٧/ ١٠٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٨٥، ٣٨٦)، وقالَ الإمامُ ابنُ رجَبٍ : اختَلفُوا هل النهيُ للتَّحريمِ أو التَّنزيهِ، فمِن أصحابِنا مَنْ قالَ: هو للتَّنزيهِ دُونَ التَّحريمِ، والصَّحيحُ الَّذي عليهِ جُمهورُ العلماءِ أنه للتَّحريمِ. «جامع العلوم والحكم» (٣٣١).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>