للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المَوصليُّ الحنَفيُّ بعدَما أجازَ التَّعريضَ بالخِطبةِ: وهذا كلُّه في المَبتوتةِ -أي المُطلَّقةِ ثلاثًا- والمُتوفَّى عنها زَوجُها، أمَّا المُطلَّقةُ الرَّجعيةُ فلا يَجوزُ التَّصريحُ ولا التلويحُ؛ لأنَّ نكاحَ الأولِ قائمٌ على ما بيَّنَّا (١).

وذهَبَ أكثرُ الحَنفيةِ إلى أنهُ لا يَجوزُ التَّعريضُ للمُعتدةِ مِنْ طَلاقٍ في عدَّتِها.

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وأمَّا أحكامُ العدَّةِ:

فمِنها: أنهُ لا يَجوزُ للأجنَبيِّ نكاحُ المعتدَّةِ، لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾، قيلَ: أي لا تَعزِمُوا على عُقدةِ النِّكاحِ، وقيلَ: أي لا تَعقدُوا عقْدَ النكاحِ حتَّى ينقَضِي ما كتَبَ اللهُ عليها مِنْ العدَّةِ، ولأنَّ النكاحَ بعْدَ الطَّلاقِ الرَّجعيِّ قائمٌ مِنْ كلِّ وَجهٍ، وبعدَ الثَّلاثِ والبائنِ قائمٌ مِنْ وجهٍ حالَ قيامِ العدَّةِ؛ لقِيامِ بعضِ الآثارِ، والثابتُ مِنْ وجهٍ كالثابتِ مِنْ كلِّ وجهٍ في بابِ الحُرُماتِ احتِياطًا.

ويجوزُ لصاحبِ العدَّةِ أنْ يَتزوَّجَها؛ لأنَّ النَّهيَ عنِ التَّزوجِ للأجانبِ لا لِلأزواجِ؛ لأنَّ عدَّةَ الطَّلاقِ إنما لَزمَتْها حقًّا للزَّوجِ؛ لكَونها باقيةً على حُكمِ نكاحِه مِنْ وَجهٍ، فإنَّما يَظهرُ في حقِّ التَّحريمِ على الأجنبيِّ لا على الزوجِ؛ إذ لا يَجوزُ أنْ يُمنَعَ حقَّه.


(١) «الاختيار» (٣/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>