للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللهِ ما لكِ علينا مِنْ شيءٍ، فجاءَتْ رسولَ اللهِ فذكَرَتْ ذلكَ له، فقالَ: «ليسَ لكِ عليهِ نَفقةٌ»، فأمَرَها أنْ تَعتدَّ في بيتِ أمِّ شَريكٍ، ثمَّ قالَ: «تلكِ امرأةٌ يَغشاها أصحابي، اعتَدِّي عندَ ابنِ أمِّ مَكتومٍ، فإنهُ رَجلٌ أعمَى، تَضعينَ ثيابَكِ، فإذا حلَلْتِ فآذنيني، فآذَنتْهُ» (١).

وفُرِّقَ بينَ التصريحِ والتعريضِ بأنهُ إذا صرَّحَ تحقَّقَتِ الرَّغبةُ فيها، فربَّما كذَبَتْ في انقضاءِ العدَّةِ لغلَبةِ الشهوةِ أو غيرِها، وفي التَّعريضِ لا يَتحقَّقُ ذلكَ.

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : أباحَ التعريضَ بالنكاحِ في العدَّةِ، ولم يَختلفِ العُلماءُ مِنْ السَّلفِ والخلَفِ في ذلكَ، فهو مِنْ المُحكَمِ المُجتمَعِ على تأويلِه، إلا أنهمُ اختَلفُوا في ألفاظِ التَّعريضِ (٢).

وقالَ ابنُ القطَّانِ الفاسِيُّ : واتَّفقُوا أنَّ التعريضَ بالخِطبةِ وهي في عدَّتِها حَلالٌ إذا كانَتْ العدَّةُ غيرَ رَجعيةٍ أو كانَتْ مِنْ وفاةٍ (٣).

وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ : أباحَ التَّعريضَ في العِدةِ بقولِه: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: ٢٣٥] الآية، ولم يَختلفِ العُلماءُ في إباحةِ ذلكَ (٤).


(١) رواه مسلم (١٤٨٠).
(٢) «الاستذكار» (٥/ ٣٨٥).
(٣) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١١٥٢) رقم (٢١٢٢).
(٤) «تفسير القرطبي» (٣/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>