قِسمٌ تَتوقُ إليه نَفسُه ويَجدُ المُؤَنَ، فيُستحبُّ له النكاحُ.
وقِسمٌ لا تَتوقُ ولا يَجدُ المُؤنَ، فيُكرهُ له.
وقِسمٌ تَتوقُ ولا يَجدُ المُؤنَ، فيُكرهُ له، وهذا مَأمورٌ بالصَّومِ لدَفعِ التوَقانِ.
وقِسمٌ يَجدُ المُؤنَ ولا تَتوقُ، فمَذهبُ الشَّافعيِّ وجُمهورِ أصحابِنا أنَّ ترْكَ النكاحِ لهذا والتِّخلِّي للعِبادةِ أفضَلُ، ولا يُقالُ: النكاحُ مَكروهٌ، بلْ تَركُه أفضَلُ، ومذهَبُ أبي حَنيفةَ وبعضِ أصحابِ الشَّافعيِّ وبعضِ أصحابِ مالكٍ أنَّ النكاحَ لهُ أفضَلُ، واللهُ أعلَمُ (١).
وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: يُباحُ النكاحُ لِمَنْ لا شَهوةَ له أصلًا، وهو مَنْ لم تَتُقْ نَفسُه إليه خِلقةً كالعنِّينِ والمريضِ والكبيرِ؛ لأنَّ العِلةَ الَّتي يجبُ النكاحُ لها أو يُستحبُّ -وهو خَوفُ الزِّنا أو وُجودُ الشَّهوةِ- مَفقودةٌ فيهِ، ولأنَّ المَقصودَ مِنْ النكاحِ الولَدُ، وهو فيمَن لا شَهوةَ له غيرُ مَوجودٍ، فلا يَنصرفُ إليهِ الخِطابُ به، إلَّا أنْ يكونَ مُباحًا في حقِّه كسائرِ المُباحاتِ؛ لعَدمِ مَنعِ الشَّرعِ منه، وتَخلِّيه إذنْ لنَوافلِ العبادةِ أفضَلُ؛ لمَنعِ مَنْ يتزوَّجُها مِنْ التَّحصينِ بغيرِه ويَضرُّها بحَبسِها على نَفسِه، ويُعرِّضُ نفْسَه لواجِباتٍ وحُقوقٍ لعلَّهُ لا يَقومُ بها، ويَشتغلُ عنِ العِلمِ والعِبادةِ بما لا فائِدةَ فيه.