للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: يُستحبُّ لهُ النكاحُ؛ لعُمومِ الأخبارِ، وقيلَ: يُكرهُ لهُ النِّكاحُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ القُرطبيُّ : فأمَّا حُكمُ النكاحِ فقالَ قَومٌ: هو مَندوبٌ إليهِ، وهُم الجُمهورُ، وقالَ أهلُ الظِّاهرِ: هوَ واجِبٌ، وقالَ المُتأخِّرةُ مِنْ المالِكيةِ: هو في حَقِّ بعضِ النَّاسِ واجِبٌ، وفي حَقِّ بعضِهم مَندوبٌ إليهِ، وفي حَقِّ بعضِهم مُباحٌ، وذلكَ بحَسبِ ما يخافُ على نَفسِه مِنْ العنَتِ.

وسَببُ اختِلافِهم: هل تُحمَلُ صِيغةُ الأمرِ به في قولِه تعالَى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] وفي قولِه : «تَناكَحُوا فإني مُكاثِرٌ بكُم الأُممَ» (٢) وما أشبَهَ ذلكَ مِنْ الأخبارِ الوارِدةِ في ذلكَ على الوُجوبِ أم على النَّدبِ أم على الإباحةِ؟

فأمَّا مَنْ قالَ: «إنَّه في حَقِّ بعضِ النَّاسِ واجِبٌ، وفي حَقِّ بعضِهم مَندوبٌ إليهِ، وفي حَقِّ بعضِهم مُباحٌ» فهو التِفاتٌ إلى المَصلحةِ، وهذا النَّوعُ مِنْ القياسِ هو الَّذي يُسمَّى المُرسَلَ، وهو الَّذي ليسَ له أصلٌ مُعينٌ يَستندُ إليهِ، وقدْ أنكَرَه كثيرٌ مِنْ العُلماءِ، والظَّاهرُ مِنْ مَذهبِ مالكٍ القولُ بهِ (٣).


(١) «المغني» (٧/ ٥)، و «المبدع» (٧/ ٥)، و «الإنصاف» (٨/ ٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٩٩)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٦)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٣١).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (١٨٤٦).
(٣) «بداية المجتهد» (٢/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>