للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغيرِ مِلكٍ اشتِباهَ الأنسابِ، وهو سَببٌ لضياعِ النَّسلِ؛ لِما بالإناثِ مِنْ بَني آدمَ مِنْ العَجزِ عنِ التكسُّبِ والإنفاقِ على الأولادِ، فتعيَّنَ المِلكُ طريقًا لهُ حتَّى يُعرفَ مَنْ يكونُ منهُ الولدُ فيُوجبَ عليهِ نَفقتُه لئلَّا يَضيعَ، وهذا المِلكُ على ما عليهِ أصلُ حالِ الآدميِّ مِنْ الحرِّيةِ لا يَثبتُ إلَّا بطَريقِ النِّكاحِ، فهذا معنَى قولِنا: إنهُ تَعلقَ بهِ البقاءُ المَقدورُ بهِ إلى وَقتِه (١).

وقالَ الإمامُ البابرتِيُّ : النِّكاحُ فيهِ مصالحُ الدِّينِ والدُّنيا، وقدِ اشتَهرَتْ في وَعيدِ مَنْ رَغبَ عنهُ وتَحريضِ مَنْ رَغبَ فيهِ الآثارُ، وما اتَّفقَ في حُكمٍ مِنْ أحكامٍ الشَّرعِ مثلُ ما اتَّفقَ في النِّكاحِ مِنْ اجتِماعِ دَواعي الشَّرعِ والعَقلِ والطَّبعِ.

فأمَّا دَواعي الشَّرعِ مِنْ الكِتابِ والسُّنةِ والإجماعِ فظاهِرةٌ.

وأمَّا دَواعي العَقلِ فإنَّ كلَّ عاقِلٍ يَحبُ أنْ يبقَى اسمُه ولا يَنمحِي رسْمُه، وما ذاكَ غالِبًا إلَّا ببَقاءِ النَّسلِ.

وأمَّا الطَّبعُ فإنَّ الطَّبعَ البَهيميَّ مِنْ الذَّكرِ والأُنثى يدعُو إلى تَحقيقِ ما أُعِدَّ مِنْ المُباضَعاتِ الشَّهوانيةِ والمُضاجَعاتِ النَّفسانيةِ، ولا مَزجَرةَ فيها إذا كانَتْ بأمرِ الشَّرعِ وإنْ كانَتْ بدَواعي الطَّبعِ، بل يُؤجَرُ عليهِ بخِلافِ سائرِ المَشروعاتِ (٢).


(١) «المبسوط» (٤/ ١٩٢، ١٩٣).
(٢) «العناية» (٤/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>