للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجهُ قَولِ مُحمدٍ: أنَّ استِحقاقَ الأخذِ بالشُّفعةِ ههنا بسَببِ قَرارِ البِناءِ، لا بسَببِ عَينِ البِناءِ؛ لأنَّ البِناءَ مَنقولٌ، والشُّفعةُ لا تُستحَقُّ بالمَنقولِ، وحَقُّ القَرارِ ههنا باقٍ، فما يُستحَقُّ به الشُّفعةُ باقٍ.

ولو بِيعَ السُّفلُ والعُلوُّ مُتهدِّمٌ فعلى قَولِ أَبي حَنيفةَ وأَبي يُوسفَ: لا شُفعةَ لصاحِبِ العُلوِّ بِناءً على أنَّ عندَه حَقَّ الشُّفعةِ له بسَببِ البِناءِ.

وعلى قَولِ مُحمدٍ: له الشُّفعةُ؛ لأنَّ عندَه حَقَّ الشُّفعةِ له بسَببِ قَرارِ البِناءِ لا بسَببِ البِناءِ نَفسِه، وحَقُّ قَرارِ العُلوِّ باقٍ في البابِ الأولِ.

وإنْ كانَ السُّفلُ لرَجلٍ وعُلوُّه لآخَرَ فبِيعَت دارٌ بجَنبِها فالشُّفعةُ لهما، فإنِ انهَدَمت الدارُ قبلَ أخذِ الشُّفعةِ فالشُّفعةُ لصاحِبِ السُّفلِ عندَ أَبي يُوسفَ تَعالى؛ لقيامِ ما يُستحَقُّ به الشُّفعةُ وهو الأرضُ، ولا شُفعةَ لصاحِبِ العُلوِّ؛ لزَوالِ ما كانَ يُستحَقُّ به الشُّفعةُ.

وقالَ مُحمدٌ تَعالى: الشُّفعةُ لهما؛ لأنَّ حَقَّه قائِمٌ أيضًا، فإنَّه يَبني العُلوَّ إذا بَنى صاحِبُ السُّفلِ سُفلَه، وله أنْ يَبنيَ السُّفلَ بنَفسِه ثم يَبنيَ عليه العُلوَّ، ويَمنعَ صاحِبَ السُّفلِ عن الانتِفاعِ حتى يُعطيَه حَقَّه.

ولو كانَ سُفلٌ بينَ رَجلَينِ عليه عُلوٌّ لأَحدِهما مُشتَركٌ بينَه وبينَ آخَرَ فباعَ هو السُّفلَ والعُلوَّ كانَ العُلوُّ لشَريكِه في العُلوِّ والسُّفلِ لشَريكِه في السُّفلِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما شَريكٌ في المَبيعِ نَفسِه في حَقِّه، وجارٌ في حَقِّ الآخَرِ، أو شَريكٌ في الحَقِّ إذا كانَ طَريقُهما واحِدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>