مالُ امرِئٍ مُسلمٍ إلا عن طِيبِ نَفسٍ منه»، ولأنَّه إنْ أخَذَ من غيرِ جِنسِ حَقِّه كانَ مُعاوَضةً بغيرِ تَراضٍ، وإنْ أخَذَ من جِنسِ حَقِّه فليسَ له تَعيينُ الحَقِّ بغيرِ رِضا صاحِبِه، فإنَّ التَّعيينَ إليه، ألَا تَرى أنَّه لا يَجوزُ له أنْ يَقولَ:«اقضِني حَقِّي من هذا الكِيسِ دَونَ هذا»؟ ولأنَّ كلَّ ما لا يَجوزُ له تَملُّكُه إذا لم يَكُنْ له دَينٌ لا يَجوزُ له أخْذُه إذا كانَ له دَينٌ، كما لو كانَ باذِلًا له.
وأمَّا حَديثُ هِندَ، فإنَّ أَحمدَ اعتذَرَ عنه بأنَّ حَقَّها واجِبٌ عليه في كلِّ وَقتٍ، وهذا إِشارةٌ منه إلى الفَرقِ بالمَشقةِ في المُحاكمةِ في كلِّ وَقتٍ، والمُخاصَمةُ في كلِّ يَومٍ تَجبُ فيه النَّفقةُ بخِلافِ الدَّينِ.
أَحدُهما: أنَّ للمَرأةِ من التَّبسُّطِ في مالِه بحُكمِ العادةِ ما يُؤثِّرُ في إِباحةِ أخْذِ الحَقِّ وبَذلِ اليَدِ فيه بالمَعروفِ، بخِلافِ الأجنَبيِّ.
الثانِي: أنَّ النَّفقةَ تُرادُ لإِحياءِ النَّفسِ وإِبقاءِ المُهجةِ، وهذا ممَّا لا يُصبَرُ عنه ولا سَبيلَ إلى تَركِه، فجازَ أخْذُ ما تَندفِعُ به هذه الحاجةُ بخِلافِ الدَّينِ، حتى نَقولَ: لو صارَت النَّفقةُ ماضيةً لم يَكُنْ لها أخْذُها، ولو وجَبَ لها عليه دَينٌ آخَرُ لم يَكُنْ لها أخْذُه.
فعلى هذا إنْ أخَذَ شَيئًا لزِمَه رَدُّه إنْ كانَ باقيًا، وإنْ كانَ تالِفًا وجَبَ مِثلُه إنْ كانَ مِثليًّا أو قيمَتُه إنْ كانَ مُتقوَّمًا، فإنْ كانَ من جِنسِ دَينِه تَقاصَّا وتَساقَطا في قياسِ المَذهبِ، وإنْ كانَ من غيرِ جِنسِه لزِمَه غُرمُه، ومَن جوَّزَ من