للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُرتهَنِ يُركَبُ ويُحلَبُ بقَدرِ ما يُنفَقُ، والمَرأةُ تأخُذُ مُؤنتَها، وبائِعُ السِّلعةِ يأخُذُها من مالِ المُفلِسِ بغيرِ رِضًا.

وقالَ الشافِعيُّ: إنْ لم يَقدِرْ على استِخلاصِ حَقِّه بعَينِه فله أخْذُ قَدرِ حَقِّه من جِنسِه أو من غيرِ جِنسِه، وإنْ كانَت له بَيِّنةٌ وقدِرَ على استِخلاصِه ففيه وَجهانِ، والمَشهورُ من مَذهبِ مالِكٍ أنَّه إنْ لم يَكُنْ لغيرِه عليه دَينٌ فله أنْ يأخُذَ بقَدرِ حَقِّه، وإنْ كانَ عليه دَينٌ لم يَجُزْ؛ لأنَّهما يَتحاصَّانِ في مالِه إذا أفلَسَ.

وقالَ أَبو حَنيفةَ: له أنْ يأخُذَ بقَدرِ حَقِّه إنْ كانَ عَينًا أو وَرِقًا أو من جِنسِ حَقِّه، وإنْ كانَ المالُ عَرضًا لم يَجُزْ؛ لأنَّ أخْذَ العَرضِ عن حَقِّه اعتِياضٌ، ولا تَجوزُ المُعاوَضةُ إلا برِضًا من المُتعاوِضَينِ، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩].

واحتَجَّ من أَجازَ الأخْذَ بحَديثِ هِندَ حين جاءَت إلى رَسولِ اللهِ فقالَت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أَبا سُفيانَ رَجلٌ شَحيحٌ وليسَ يُعطيني من النَّفقةِ ما يَكفيني ووَلدي، فقالَ: «خُذي ما يَكفيكِ ووَلدَك بالمَعروفِ» مُتَّفقٌ عليه، وإذا جازَ لها أنْ تأخُذَ من مالِه ما يَكفيها بغيرِ إِذنِه جازَ للرَّجلِ الذي له الحَقُّ على الرَّجلِ.

ولنا: قَولُ النَّبيِّ : «أَدِّ الأَمانةَ إلى مَنْ ائتَمَنك ولا تَخُنْ مَنْ خانَكَ» رَواه التِّرمذيُّ وقالَ: حَديثٌ حَسنٌ، ومَتى أخَذَ منه قَدرَ حَقِّه من مالِه بغيرِ عِلمِه فقد خانَه، فيَدخلُ في عُمومِ الخَبَرِ، وقالَ : «لا يَحلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>