للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصحابِنا الأخذَ فإنَّه قالَ: إنْ وجَدَ من جِنسِ حَقِّه جازَ له الأخْذُ منه بقَدرِ حقِّه من غيرِ زيادةٍ، وليسَ له الأخذُ من غيرِ جِنسِ حَقِّه مع قُدرتِه على أخذِه من جِنسِه، وإنْ لم يَجِدْ إلا من غيرِ جِنسِ حَقِّه فيَحتملُ ألَّا يَجوزَ له تَملُّكُه؛ لأنَّه لا يَجوزُ أنْ يَبيعَه من نَفسِه، وهذا يَبيعُه من نَفسِه وتَلحَقُه فيه تُهمةٌ، ويَحتملُ أنْ يَجوزَ له ذلك، كما قالوا: الرَّهنُ يُنفَقُ عليه إذا كانَ مَركوبًا أو مَحلوبًا يُركَبُ ويُحلَبُ بقَدرِ النَّفقةِ، وهي من غيرِ الجِنسِ، واختَلفَ أَصحابُ الشافِعيِّ، فمنهم مَنْ جوَّزَ له هذا ومنهم مَنْ قالَ: يُواطئُ رَجلًا يَدَّعي عليه عندَ الحاكِمِ دَينًا فيُقرُّ له بمِلكِ الشَّيءِ الذي أخَذَه، فيَمتنِعُ مَنْ عليه الدَّعوى من قَضاءِ الدَّينِ، ليَبيعَ الحاكِمُ الشَّيءَ المَأخوذَ ويَدفعَه إليه (١).

القَولُ الثالِثُ: يَجوزُ للإِنسانِ إذا ظفِرَ بجِنسِ حقِّه أنْ يأخُذَه، وإنْ كانَ من غيرِ جِنسِه فلا يَجوزُ له أخْذُه، وهو مَذهبُ الحَنفيةِ المُتقدِّمينَ إلا إذا كانَ حقُّه دَراهمَ فأخَذَ دَنانيرَ أو خِلافَ ذلك فيَجوزُ اتِّفاقًا.

نَصَّ الحَنفيةُ على أنَّ الإِنسانَ إذا كانَ له حَقٌّ عندَ غيرِه وظفِرَ بجِنسِ حَقِّه جازَ له أنْ يأخُذَه، وإنْ ظفِرَ بغيرِ جِنسِ حَقِّه كمَن له دَنانيرُ فوجَدَ عُروضًا له لا يَجوزُ له أخْذُها، أمَّا إنْ كانَ حَقُّه دَراهمَ فأخَذَ دَنانيرَ، أو كانَ دَنانيرَ فأخَذَ دَراهمَ جازَ له قياسًا عندَ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ، واستِحسانًا عندَ أبي حَنيفةَ، وَجهُ الاستِحسانِ اتِّحادُهما في الثَّمنيَّةِ، ولهذا يُضمَّ أَحدُهما إلى


(١) «المغني» (١٠/ ١٧٥، ٢٧٧)، و «الكافي» (٤/ ٥١٠، ٥١١)، و «الإنصاف» (١١/ ٣٠٨، ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>