وكذا يُحكمُ بإِسلامِه إذا وُجدَ في قَريةٍ ليسَ فيها مِنْ المُسلِمينَ سِوى بَيتَينِ أو ثَلاثةٍ تَغليبًا للإِسلامِ، بشَرطِ أنْ يَكونَ الذي التَقطَه مُسلِمًا، فإنِ التَقطَه ذِميٌّ فإنَّه يُحكمُ بكُفرِه على المَشهورِ، والبَيتُ كالبَيتَينِ على ظاهِرِ «المُدوَّنة».
وأما إنْ كانَ فيها أَكثرُ مِنْ ثَلاثةِ بُيوتٍ فيُحكمُ بإِسلامِه قَطعًا وإنِ التَقطَه كافِرٌ، وكذا لو كانَ المُسلِمونَ مُساوينَ أو أَكثرَ أو قَريبًا مِنْ التَّساوي، فيُحملُ اللَّقيطُ على الإِسلامِ وإنِ التَقطَه مُشرِكٌ.
وإذا وُجدَ في قَريةٍ مِنْ قُرى الشِّركِ أو في مَوضعٍ مِنْ مَواضِعهم كالبَيعةِ والكَنيسةِ -ولو كانَت بينَ قُرى المُسلِمينَ- فإنَّه يَكونُ مُشرِكًا، سَواءٌ التَقطَه مُسلِمٌ أو كافِرٌ تَغليبًا للدارِ، والحُكمُ للغالِبِ، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ، وقيلَ: إنِ التَقطَه مُسلِمٌ فمُسلِمٌ وإنِ التَقطَه كافِرٌ فكافِرٌ (١).
وقالَ الشافِعيةُ: إذا وُجدَ لَقيطٌ بدارِ الإِسلامِ بأنْ سكَنَها المُسلِمونَ وإنْ كانَ فيها أَهلُ ذِمةٍ أو مُعاهدونَ، أو وُجدَ لَقيطٌ بدارٍ فتَحَها المُسلِمونَ وأقرُّوها بيَدِ الكُفارِ صُلحًا على وَجهِه وإنْ لمْ يَملِكُوها، أو وُجدَ بدارٍ أقَرَّها المُسلِمونَ بيدِ كفارٍ بعدَ مِلكِها عَنوةً بجِزيةٍ، أو وُجدَ اللَّقيطُ بدارٍ كانَ المُسلِمونَ يَسكنونَها ثُم جَلاهم الكُفارُ عنها، وفيها مُسلِمٌ في الصُّورِ الأَربعِ
(١) «مواهب الجليل» (٤٣، ٤٤)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٧)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٣٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٣٦)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٩/ ٢٨٠، ٢٨١).