للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنَّ المُسلِمينَ لا يَضعونَ أَولادَهم في البِيعِ والكَنائسِ، والحُكمُ بالظاهِرِ واجِبٌ عندَ تَعذُّرِ الوُقوفِ على الحَقيقةِ.

ولأنَّ اللَقيطَ في حُكمِ المُباحِ، فمَن سبَقَت يدُه إليه صارَ مُحرِزًا له، وكانَ الحُكمُ ليدِه؛ إذ ليسَ للمَكانِ يَدٌ مُعتبَرةٌ، ألَا تَرى أنَّ المُباحَ يُملكُ بالإِحرازِ باليَدِ دونَ المَكانِ.

والرِّوايةُ الثانِيةُ وهي رِوايةُ ابنِ سِماعةَ عن مُحمَّدٍ: أنَّه اعتبَرَ حالَ الواجِدِ مِنْ كَونِه مُسلِمًا أو ذِميًّا، فإنْ كانَ الواجِدُ في هذه الأَماكنِ مُسلِمًا فاللَّقيطُ مُسلِمٌ، وإنْ كانَ الواجِدُ ذِميًّا فاللَّقيطُ ذِميٌّ؛ لأنَّ اليَدَ أَقوى مِنْ المَكانِ.

والرِّوايةُ الثالِثةُ: أنَّه يُعتبرُ الحُكمُ بالزِّيِّ والسِيما، فإنْ كانَ عليه سِيما المُسلِمينَ فمُسلِمٌ، وإلا فكافِرٌ، والأَصلُ فيه قَولُه تعالَى: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ [الرحمن: ٤١] فإذا كانَ في عُنقِه صَليبٌ وعليه ثَوبُ دِيباجٍ ووَسطَ رَأسِه مُحرزٌ فالظاهِرُ أنَّه مِنْ أَولادِ النَّصارى، فلا يُحكمُ له بإِسلامِه، وإلا حُكمَ بإِسلامِه.

وفي رِوايةٍ: يُحكمُ بإِسلامِه نَظرًا للصَّغيرِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: اللَّقيطُ إذا وُجدَ في بِلادِ المُسلِمينَ فإنَّه يُحكمُ بإِسلامِه بلا خِلافٍ؛ لأنَّه الأَصلُ والغالِبُ، وسَواءٌ التَقطَه مُسلِمٌ أو كافِرٌ.


(١) «المبسوط» (١٧/ ١٣٠، ١٣١)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٩٨)، و «الهداية» (٢/ ١٧٣)، و «الاختيار» (٣/ ٣٦)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٨٣، ١٨٤)، و «العناية» (٨/ ١٩١)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٥٨)، و «اللباب» (١/ ٦٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>