للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الزَّمانِ الذي قد فسَدَ فيه النَّاسُ فالحُكمُ فيه أنَّها تُؤخذُ وتُعرَّفُ، فإنْ لَم يُعرفْ ربُّها بيعَت ووُقفَ ثَمنُها، فإنْ أَيسَ مِنه تَصدقَ به كما فعَلَ عُثمانُ لمَّا دخَلَ النَّاسُ في زَمنِه مِنْ الفَسادِ، وقد رُويَ عن مالِكٍ أيضًا (١).

وقالَ الدُّسوقيُّ: قالَ ابنُ عبدِ السَّلامِ: وصَميمُ مَذهبِ مالِكٍ عَدمُ التِقاطِها مُطلقًا، لكنْ لا يَخفى أنَّ المَصلحةَ العامَّةَ تَقتضِي الآن ما صنَعَ عُثمانُ، كما لو قالَ في تَضمينِ الخُفراءِ، فلذا اختارَ شَيخُنا ما قالَه الشارِحُ (٢).

ونصَّ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّه لا يَجوزُ التِقاطُه للتملُّكِ، ويَجوزُ التِقاطُه للحِفظِ للإِمامِ وللآحادِ على الصَّحيحِ عندَ الشافِعيةِ.

قالَ الشافِعيةُ: الحَيوانُ المَملوكُ المُمتنعُ كالبَعيرِ الكَبيرِ إنْ وُجدَ بمَفازةٍ فللقاضِي التِقاطُه للحِفظِ على مالِكِه لا للتَّملكِ؛ لأنَّ له وِلايةً على أَموالِ الغائِبينَ، وكانَ لعُمرَ حَظيرةٌ يَحفظُ فيها الضَّوالَّ، وكذا لغيرِ القاضِي مِنْ الآحادِ في الأَصحِّ المَنصوصِ في الأُمِّ لئلَّا يَأخذَه خائِنٌ.

ومُقابلُ الأَصحِّ: لا؛ إذ لا وِلايةَ للآحادِ على مالِ الغَيرِ.

ومَحلُّ الخِلافِ إذا لَم يَعرفْ مالِكَه، فإنْ عرَّفَه وأخَذَه ليَردَّه عليه كانَ في يدِه أَمانةً جزمًا حتى يَصلَ إليه.

ويُحرمُ ولا يَجوزُ التِقاطُ الإِبلِ، وكذا كلِّ حَيوانٍ مُمتنعٍ زمنَ الأمنِ مِنْ المَفازةِ للتَّملكِ؛ لنَهيه في ضالَّةِ الإِبلِ حيثُ قالَ في حَديثِ زَيدِ


(١) «المقدمات الممهدات» (٢/ ٤١٨).
(٢) «حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>