للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ في المُعتمَدِ عندَهم: لا يَجوزُ التِقاطُ الإِبلِ مُطلقًا، سَواءٌ وجَدَها في مَوضعٍ آمنٍ أم لا، وسَواءٌ وجَدَها في العُمرانِ أو في الصَّحراءِ وسَواءٌ خافَ عليها هَلاكًا مِنْ جُوعٍ أو عَطشٍ أو سِباعٍ أم لا، هذا هو الصَّحيحُ المُعتمَدُ؛ لظاهِرِ نصِّ كلامِ النَّبيِّ : «ما لك ولها، معَها سِقاؤُها وحِذاؤُها تَرِدُ الماءَ وتَأكلُ الشَّجرَ حتى يَلقاها ربُّها» (١).

وقِيلَ: إنْ خِيفَ عليها مِنْ خائِنً أُخذَت وعُرِّفَت، أو بِيعَت ووُقفَ ثَمنُها لصاحِبِها، وهو قَولُ الخِرشيِّ والدَّرديرِ وغيرِهما.

وقِيلَ: إنْ خِيفَ عليها مِنْ السِّباعِ كانَت في حُكمِ الغَنمِ، لواجِدِها أَكلُها.

وقِيلَ: بل تُؤخذُ لتُعرَّفَ؛ إذ لا مَشقةَ في حَملِها، والمُعتمَدُ هو الأَولُ.

فإنْ تَجرأَ وخالَفَ الواجِبَ في التَّركِ وأَخذَ الإِبلَ إلى العُمرانِ تَعدِّيًا عُرِّفَت سَنةً، ثُم بعدَ تَعريفِها سَنةً تُركَت بمَحلِّها الذي أُخذَت مِنه، قالَ الصاويُّ: قد علِمتُ أنَّ هذا في زَمنِ العَدلِ والصَّلاحِ لا في مِثلِ زَمانِنا (٢).

وقالَ الإِمامُ أَبو الوَليدِ بنُ رُشدٍ في «المُقدِّمات» -بعد أنْ ذكَرَ عَدمَ التِقاطِ الإِبلِ-: قيلَ إنَّ ذلك في جَميعِ الزَّمانِ، وهو ظاهِرُ قَولِئ مالِكٍ في «المُدوَّنة» و «العتِبية»، وقِيلَ هو خاصٌّ بزَمنِ العَدلِ وصَلاحِ النَّاسِ، وأمَّا


(١) أخرجه البخاري (٢٢٩٧)، ومسلم (١٧٢٢).
(٢) «حاشية الصاوي» (٩/ ٢٧٢)، ويُنْظَر: «التاج والإكليل» (٥/ ٤١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٢٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٣١)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>