للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصنَعُ بلُقطةِ الحِلِّ مِنْ التَّعريفِ والتَّملُّكِ بعدَه؛ لعُمومِ الأَحاديثِ الوارِدةِ في الالتِقاطِ مِنْ غيرِ فصلٍ بينَ لُقطةِ الحِلِّ والحَرمِ، ولأنَّه أَحدُ الحَرمينِ فأَشبَه حَرمَ المَدينةِ في الالتِقاطِ، ولأنَّها أَمانةٌ فلَم يَختلفْ حُكمُها بالحِلِّ والحَرمِ كالوَديعةِ.

وقد رُويَ عن أمِّ المُؤمنينَ عائِشةَ هذا، فعن مُعاذَةَ العَدويةِ أنَّ امرَأةً سأَلَت عائِشةَ فقالَت: «إنِّي أصَبتُ ضالَّةً في الحَرمِ وإنِّي عرَّفتُها فلَم أَجدْ أَحدًا يَعرفُها فقالَت لها عائِشةُ: استَنفِعي بها» (١).

وقَولُ النَّبيِّ : «إلا لمُنشدٍ» يَحتمِلُ أنْ يُريدَ: إلا لمَن عرَّفَها عامًا، لئلَّا يُظنَّ الاكتِفاءُ بتَعريفِها في المَوسمِ لكَثرةِ الناسِ فيه، وتَخصيصُها بذلك لتَأكيدِها لا لتَخصيصِها، كقَولِه : «ضالَّةُ المُسلمِ حَرقُ النَّارِ» وضالَّةُ الذِّميِّ مَقيسةٌ عليها (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ اختارَها ابنُ تَيميةَ وابنُ القَيمِ إلى أنَّه لا يَجوزُ التِقاطُ لُقطةِ الحَرمِ للتَّملُّكِ، وإنَّما يَجوزُ حِفظُها


(١) رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٣٩) بإسناد صحيح.
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٢، ٢٠٣)، و «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٤٠)، و «العناية» (٨/ ٢١٣)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٧٠، ٢٧١)، رقم (١١١٣)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٦/ ٥٥٧، ٥٥٨)، و «المغني» (٦/ ١١)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢١٧)، و «المبدع» (٥/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «الإنصاف» (٦/ ٤١٣، ٤١٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٠٠)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٣٠)، و «الإفصاح» (٢/ ٦٤، ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>