للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَ أخَذَ رَجلٌ اللُّقطةَ فضاعَت مِنه ووجَدَها آخرُ فإنَّ الثانِي يُعرِّفُها، فإنْ جاءَ مالِكُها، وأَقامَ البَينةَ عليها وجَبَ عليه ردُّها إليه؛ لأنَّه هو المالِكُ لها، وإنْ لَم يَجدْ مالِكَها ولكنْ جاءَ المُلتقِطُ الأَولُ وأَقامَ البَينةَ على التِقاطِه لها وجَبَ على الثانِي ردُّها إليه؛ لأنَّ الأَولَ قد ثبَتَ له عليها حقٌّ بالالتِقاطِ، فوجَبَ ردُّها إليه كما لو تَحجَّرَ مَواتًا.

ولو أخَذَ اللُّقطةَ اثنَانِ فتَرَكَ أَحدُهما حقَّه مِنْ الالتِقاطِ للآخرِ لَم يَسقطْ، كما لا يَجوزُ للمُلتقِطِ نقلُ حقِّه إلى غيرِه، فيُعرِّفانِها ويَتملَّكانِها بعدَ التَّعريفِ.

وإنْ أَقامَ كلٌّ مِنهما بَينةً بأنَّه المُلتقطُ ولَم يَسبقْ تاريخٌ لهما تَعارَضَتا.

ولو سَقطَت مِنْ المُلتقِطِ لها فالتقَطَها آخرُ فالأَولُ أَولى بها مِنه؛ لسَبقِه على الأَصحِّ، وقيلَ: للثانِي.

ولو أمَرَ واحدٌ آخرَ بالتِقاطِ لُقطةٍ رَآها فأخَذَها فهي للآمِرِ إنْ قصَدَه الآخَرُ ولو معَ نفسِه، وإلا فهي له، ولا يُشكلُ هذا بما مرَّ في الوكالةِ مِنْ عَدمِ صِحتِها في الالتِقاطِ؛ لأنَّ ذلك في عُمومِ الالتِقاطِ، وهذا في خُصوصِ لُقطةٍ وُجدَت، فالأَمرُ بأَخذِها استِعانةٌ مُجردةٌ على تَناولِ شيءٍ مُعينٍ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ وجَدَ اللُّقطةَ اثنَانِ فهي بينَهما؛ لأنَّهما اشتَرَكا في السَّببِ فاشتَرَكا في الحُكمِ.


(١) «البيان» (٧/ ٥٢٢)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٤٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٢١، ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>