وإنْ شاءَ ضمَّنَ المُلتقِطَ أو الفَقيرَ إنْ وجَدَه؛ لأنَّ التَّصدقَ كانَ مَوقوفًا على إِجازتِه، وأيَّهما ضمَّنَ لَم يِرجعْ على صاحِبِه كما في غاصِبِ الغاصِبِ، فإذا ضمَّنَ المُلتقِطَ لا يَرجعُ المُلتقِطُ على المِسكينِ؛ لأنَّه بالتَّضمينِ ملَكَها، فظهَرَ أنَّه تَصدَّقَ بمُلكِ نفسِه، فله ثَوابُها.
وإنْ ضمَّنَ المُتصدقَ عليه: لَم يَرجعْ به أيضًا على المُلتقطِ؛ لأنَّ الصَّدقةَ عقدُ تبَرُّعٍ، فإذا ضمَّنَها الذي تبَرَّعَ عليه: لمْ يَرجعْ به على المُتبَرعِ.
وإن كانَ فَقيرًا فإنْ شاءَ تَصدقَ بها على الفُقراءِ وإنْ شاءَ أنفَقها على نفسِه، فإذا جاءَ صاحِبُها خيَّرَه بينَ الأَجرِ وبينَ أنْ يَضمَنَها له على ما ذكَرْنا.
وكذلك إذا كانَ غَنيًّا جازَ له أنْ يَتصدقَ بها على أَبيه وابنِه وزَوجتِه إذا كانُوا فُقراءَ؛ لأنَّه لما جازَ له أنْ يَنتفعَ بها إذا كانَ فَقيرًا جازَ أنْ يَتصدقَ بها على هؤلاء (١).
وقالَ المالِكيةُ: المُلتقِطُ إذا عرَّفَ اللُّقطةَ سَنةً ولَم يَأتِ صاحِبُها فهو مُخيَّرٌ بينَ أُمورٍ ثَلاثةٍ:
١ - إما أنْ يَحبسَها إلى أنْ يَظهرَ ربُّها.
٢ - وإنْ شاءَ تصدَّقَ بها عن ربِّها.
٣ - وإنْ شاءَ تَملَّكَها، ويَدخلُ فيه ما إذا تَصدَّقَ بها عن نفسِه، وإذا جاءَ
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٢)، و «الاختيار» (٣/ ٣٨)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٩٢، ١٩٧)، و «اللباب» (١/ ٦٦٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٢٥٢).