للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ ابنُ بَطالٍ : أجمَعَ أَئمةُ الفَتوى على أنَّ اللُّقطةَ إذا عرَّفَها سَنةً وانتَفعَ بها وأنفَقَها بعدَ السَّنةِ ثم جاءَ صاحِبُها أنَّه يرُدُّ عليه قِيمَتَها ويَضمنُها له، وليسَ قَولُه: (فشَأنَك بها) يُبيحُ له أَخذَها ويُسقِطُ عنه ضَمانَها؛ لمَا ثبَتَ عنه في اللُّقطةِ: «فإنْ جاءَ صاحِبُها بعدَ السَّنةِ أدِّها إليه»؛ لأنَّها وَديعةٌ عندَ مُلتقِطِها، وخرَقَ الإِجماعَ رَجلٌ نُسبَ إلى العِلمِ يُعرَفُ بداودَ بنِ عليٍّ، فقالَ: إذا جاءَ صاحِبُها بعدَ السَّنةِ لَم يَضمنْها مُلتقِطُها؛ لأنَّ النَّبيَّ أطلَقَه على مُلكِها بقَولِه: (فشَأنَك بها) فلا ضَمانَ عليه، ولا سَلفَ له في ذلك إلا اتِّباعُ الهَوى والجُرأةُ على مُخالَفةِ الجَماعةِ التي لا يَجوزُ عليها تَحريفُ التَّأويلِ ولا الخَطأُ فيه، أَعاذَنا اللهُ مِنْ اتِّباعِ الهَوى والابتِداعِ في دِينِه مما لَم يَأذنْ فيه ﷿ (١).

وقالَ أيضًا: قولُه: بابُ إذا جاءَ صاحِبُ اللُّقطةِ بعدَ سَنةٍ ردَّها عليه؛ لأنَّها وَديعةٌ عندَه.

فيه: زَيدٌ أنَّ رَجلًا سأَلَ النَّبيَّ عن اللُّقطةِ، فقالَ: «عرِّفْها سَنةً، ثُم اعرِفْ عِفاصَها ووِكاءَها، ثُم استَنفِقْ بها، فإنْ جاءَ ربُّها فأدِّها إليه … » الحَديثُ، أجمَعَ أَئمةَ الفَتوَى على أنَّ صاحِبَ اللُّقطةِ إذا جاءَ بعدَ الحَولِ أنَّ الذي وجَدَها يَلزمُه ردُّها إليه؛ لقَولِه : «فإنْ جاءَ صاحِبُها فأدِّها إليه»، وقد ذكَرْنا قبلَ هذا أنَّ بعضَ مَنْ نُسبَ إلى العِلمِ وحظُّه مِنْ أنْ يوسَمَ بمُخالفَةِ الأَئمةِ خالَفَ إِجماعَهم في اتِّباعِ هذا الحَديثِ، وخالَفَ قَولَه


(١) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٥٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>