للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانِي مُقابلُ الأَصحِّ يُعرَّفُ سَنةً؛ لعُمومِ الأَخبارِ، ولأنَّها جِهةٌ مِنْ جِهاتِ التَّملكِ فاستَوَى فيها القَليلُ والكَثيرُ (١).

أمَّا الحَنابِلةُ فقالَ ابنُ قُدامةَ : وليسَ عن أَحمدَ وأَكثرَ مَنْ ذكَرْنا تَحديدُ اليَسيرِ الذي يُباحُ، وقالَ مالِكٌ وأَبو حَنيفةَ: لا يَجبُ تَعريفُ ما لا يُقطَعُ به السارِقُ وهو رُبعُ دِينارٍ عندَ مالِكٍ وعَشرةُ دَراهمَ عندَ أَبي حَنيفةَ؛ لأنَّ ما دونَ ذلك تافِهٌ فلا يَجبُ تَعريفُه كالكِسرةِ والتَّمرةِ؛ والدَّليلُ على أنَّه تافهٌ قولُ عائِشةَ : «كانُوا لا يَقطعونَ في الشيءِ التافِهِ». ورُويَ عن عليٍّ أنَّه وجَدَ دِينارًا فتصرَّفَ فيه، ورَوى الجَوزجانِيُّ عن سَلمى بنتِ كَعبٍ قالَت: «وجَدتُ خاتِمًا مِنْ ذَهبٍ في طَريقِ مَكةَ فسأَلتُ عائِشةَ عنه فقالَت: تَمتَّعي به».

ورَوى أَبو داودُ بإِسنادِه عن جابِرٍ قالَ: «رخَّصَ لنا رَسولُ اللهِ في العَصاءِ والسَّوطِ والحَبلِ وأَشباهِه يَلتقطُه الرَّجلُ يَنتفعُ به». والحَبلُ قد تَكونُ قيمَتُه دَراهمَ.

وعن ابنِ ماجَه بإِسنادِه عن سُويدِ بنِ غَفَلةٍ قالَ: «خرَجتُ معَ سَلمانَ بنِ رَبيعةَ وزَيدِ بنِ صَوحانَ حتى إذا كُنا بالعذَيبِ التقَطتُ سَوطًا فقالَا لي: أَلقِه، فأبَيتُ، حتى قدِمْنا المَدينةَ أتَيتُ أُبيَّ بنَ كَعبٍ فذكَرتُ ذلك له فقالَ: أصَبتَ»، قالَ التِّرمذيُّ: هذا حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ، وللشافِعيةُ ثَلاثةُ أَوجهٍ كالمَذاهبِ الثَّلاثةِ.


(١) «المهذب» (١/ ٤٣٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢١٩)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٤)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٦٣٢)، و «الديباج» (٢/ ٥٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>