للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَنا: على إِبطالِ تَحديدِه بما ذكَرُوه أنَّ حَديثَ زَيدِ بنِ خالِدٍ عامٌّ في كلِّ لُقطةٍ فيَجبُ إِبقاؤُه على عُمومِه إلا ما خرَجَ مِنه بالدَّليلِ، ولَم يَردْ بما ذكَرُوه نَصٌّ ولا هو في مَعنى ما ورَدَ النصُّ به، ولأنَّ التَّحديدَ والتَّقديرَ لا يُعرَفُ بالقِياسِ وإنَّما يُؤخَذُ مِنْ نصٍّ أو إِجماعٍ، وليسَ فيما ذكَرُوه نصٌّ ولا إِجماعٌّ، وأمَّا حَديثُ عليٍّ فهو ضَعيفٌ رَواه أَبو داودَ وقالَ: طُرقُه كلُّها مُضطرِبةٌ، ثُم هو مُخالِفٌ لمَذهبِهم ولسائِرِ المَذاهبِ فتَعينَ حَملُه على وجهٍ مِنْ الوُجوهِ غيرِ اللُّقطةِ، إمَّا لكونِه مُضطرًّا إليه أو غيرِ ذلك.

وحَديثُ عائِشةَ قَضيةٌ في عَينِ لا يُدرى كم قَدرُ الخاتَمِ، ثُم هو قَولُ صَحابيٍّ وكذا حَديثُ عَليٍّ، وهم لا يَرونَ ذلك حُجةً، وسائِرُ الأَحاديثِ ليسَ فيها تَقديرٌ، لكنْ يُباحُ أَخذُ ما ذكَرَه النبِيُّ ، وخصَّ في أَخذِه مِنْ السَّوطِ والعَصا والحَبلِ وما في قيمَةِ ذلك، وقدَّرَه الشَّيخُ أَبو الفَرجِ في كِتابِه بما دُونَ القِيراطِ، ولا يَصحُّ تَحديدُه لمَا ذكَرْنا (١).

وقالَ ابنُ مُفلحٍ: وفي المُغنِي: ليسَ عن أَحمدَ تَحديدُ اليَسيرِ الذي يُباحُ والمَعروفُ في المَذهبِ تَقييدُه بما لا تَتبعُه هِمةُ أَوساطِ النَّاسِ ولو كثُرَ، ونصَّ في رِوايةِ أَبي بكرِ بنِ صَدقةَ أنَّه يُعرِّفُ الدِّرهمَ، وقالَ ابنُ عَقيلَ: لا يَجبُ تَعريفُ الدانِقِ، وحمَلَه في التَّلخيصِ على دانِقِ الذَّهبِ نَظرًا لعُرفِ العِراقِ، وعنه يَلزمُه تَعريفُ اليَسيرِ، وقيلَ مُدةَ يُظنُّ طَلبُ ربِّه له، ولا يَلزمُه دَفعُ بَدلِه خِلافًا للتَّبصرةِ، وقيلَ لأَحمدَ في الثَّمرةِ يَجدُها أو يُلقيها عُصفورٌ


(١) «المغني» (٦/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>