للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: مَنْ فعَلَ العَملَ المُجاعَل عليه قبلَ أنْ يَبلغَه الجُّعلُ لَم يَستحقَّ الجُعلَ ولا شَيئًا مِنه؛ لأنَّه مُتبَرِّعٌ بعَملِه، وحرُمَ عليه أَخذُه؛ لأنَّه مِنْ أكلِ المالِ بالباطِلِ، إلا إنْ تبَرَّعَ له به ربُّه بعدَ إِعلامِه بالحالِ، وسَواءٌ رَدَّه قبلَ بُلوغِ الجُعلِ أو بعدَه؛ إذ الجُعلُ في مُقابلَةِ العَملِ لا التَّسليمِ، أي: سلَّمَ المَردودَ ونَحوَه (١).

وقالَ المالِكيةُ: إذا قالَ المالِكُ: مَنْ أَتى بعَبدِي الآبقِ أو بَعيريَ الشارِدِ فله كذا، فجاءَ به شَخصٌ لَم يَسمعْ كَلامَه، لكنَّ عادتَه طَلبُ الضَّوالِّ والإِباقِ، فإنَّه يَستحقُّ جُعلَ مِثلِه، سَواءٌ كانَ جُعلُ مِثلِه مِثلَ المُسمَّى أو أقلَّ أو أكثرَ مِنه.

فإذا تَخالَفا بعدَ تَمامِ العَملِ في قَدرِ الجُعلِ ولَم يُشبِها فإنَّهما يَتحالَفانِ، ويُرَدُّ العامِلُ إلى جُعلِ مِثلِه، ومَن أَشبَه فالقَولُ قَولُه، وإنْ أشبَها معًا مثلَ ما إذا أَشبَه العامِل فيَكونُ القولُ قولَه، ونُكولُهما كحِلفِهما، ويُقضى للحالِفِ على الناكِلِ.

ولمَن لَم يَسمعْ قولَ المالِكِ «مَنْ جاءَني بعَبدِيَ الآبِقِ فله كذا» فجاءَ به شَخصٌ ليسَ مِنْ عادَتِه طَلبُ الضَّوالِّ والإِباقِ فإنَّه لا جُعلَ له، وليسَ له إلا النَّفقةُ فقط أي: نَفقةُ الآبِقِ، أي: ما أنفَقَه عليه مِنْ مَأكلٍ ومَركبٍ ولِباسٍ، لا نَفقتَه على نَفسِه ودابتِه مثلًا في زَمنِ تَحصيلِه (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٢٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٥٠)، و «الروض المربع» (٢/ ١٥٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٨١)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٠٨).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٣٥)، و «المختصر الفقهي» (١٢/ ٣٦٥، ٣٦٦)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٦٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٤٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢١)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١٠٧، ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>