للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولُ: أنْ يَعلمَ مِنْ نفسِه الخِيانةَ، فيَحرُمُ عليه التِقاطُها، سَواءٌ خافَ عليها الخَوَنةَ أم لا؛ لاستِلزامِه إِتلافُ مالِ المَعصومِ.

الثانِي: أنْ يَخافَ مِنْ نفسِه الخِيانةَ ولا يَتحققَّ ذلك، بأنْ يَشكَّ، فيُكرَهُ له الالتِقاطُ.

الثالثُ: أنْ يَتيقنَ أَمانةَ نفسِه، وهو يَنقسمُ إلى قِسمَينِ:

إمَّا أنْ يَخافَ عليها الخَوَنةَ أو لا، فإنْ خافَ عليها الخَوَنةَ وجَبَ عليه الالتِقاطُ؛ لأنَّ المُلتقِطَ حينَئذٍ قادرٌ على حفظِ مالِ أَخيه فيَتعينُ عليه ذلك؛ لأنَّ حُرمةَ المالِ كحُرمةِ النفسِ، ولنَهيِه عن إِضاعةِ المالِ.

وإنْ لَم يخَفْ عليها الخَوَنةَ فثَلاثةُ أَقوالٍ لمالكٍ، الاستِحبابُ -وهذه صورةُ السَّائلِ لرَسولِ اللهِ فقالَ: خُذْها، ولأنَّه أَحوطُ لصاحبِها خَوفَ أنْ يَأخذَها مَنْ ليسَ بمَأمونٍ-، والكَراهةُ، والاستِحبابُ فيما له بالٌ، والتَّركُ لغيرِه أَفضلُ، أي إنَّ التَّركَ لغيرِ ما له بالٌ أَفضلُ مِنْ الالتِقاطِ فهو مَكروهٌ؛ لأنَّ الغالبَ عدمُ المُبالغةِ في تَعريفِ الحَقيرِ وعدمُ الاحتِفالِ به، والحَقيرُ كالدِّرهمِ ونحوِه.

ويُستَثنَى لُقطةُ الحاجِّ، فلا يَجري فيها هذا الخِلافُ كلُّه؛ لأنَّها بالتَّركِ أَولى؛ لأنَّ مُلتقِطَها يَرحلُ إلى قُطرِه وهو بَعيدٌ فلا يَحصلُ مَقصودُ التَّعريفِ (١).


(١) «الفروق» للقرافي (٤/ ٧٩، ٨٠)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٤، ٣٥)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٠، ٣١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٢٣، ١٢٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٢٦، ٥٢٧)، و «منح الجليل» (٨/ ٢٣٠)، و «القوانين الفقهية» (١/ ٢٢٤)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٥، ٣٦)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>