للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: إنْ وُجدَ عليها مَكتوبٌ وَديعةٌ فإنَّه يُعملُ به وُجوبًا، فإنْ وجَدَ وارثٌ خطَّ مُورِّثِه: لفُلانٍ عندِي وَديعةٌ، أو وجَدَ على الكِيسِ ونحوِه مَكتوبٌ: هذا لفُلانٍ، عمِلَ الوارثُ به وُجوبًا، كما يَعملُ بإِقرارِه باللَّفظِ.

وإنْ وجَدَ وارثٌ خَطَّ مُورِّثِه بدَينٍ له على فُلانٍ جازَ للوارثِ الحلِفُ إذا أقامَ به شاهِدًا مَثلًا، وكانْ يَعلمُ أنَّ مُورِّثَه لا يَكتبُ إلا حَقًّا وأنَّه صادِقٌ أَمينٌ، ودفَعَ الدَّينَ إليه، فيَجوزُ الحَلفُ على ما لا تَجوزُ الشَّهادةُ به؛ إذ لا يَشهدُ على شَهادةِ أَبيه أو غيرِها إذا رآها بخَطِّه.

وإنْ وجَدَ وارثٌ خَطَّ مُورِّثِه بدَينٍ عليه لمُعيَّنٍ عمِلَ الوارثُ به وُجوبًا، ودفَعَ الدَّينَ إلى مَنْ هو مَكتوبٌ باسمِه كالوَديعةِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ اختارَه القاضِي وابنُ عَقيلٍ وابنُ قُدامةَ إلى أنَّه لا يَجبُ العَملُ به.

قالَ الحَنابِلةُ في هذا الوَجهِ: إنْ وُجدَ عليها مَكتوبٌ وَديعةٌ لمْ يَكنْ حُجةً عليهم؛ لأنَّه يُحتملُ أنَّ الوَعاءَ كانَت فيه وَديعةٌ قبلَ هذه أو كانَ وَديعةً للمَيتِ عندَ غيرِه ونحوُ ذلك، وكذلك إذا وجَدَ في دَفتَرِه أنَّ لفُلانٍ عندِي وَديعةً لمْ يَلزمْه بذلك؛ لجَوازِ أنْ يَكونَ قد ردَّها ونسِيَ الضَّربَ على ما كتَبَ أو غيرَ


(١) «الإنصاف» (٦/ ٣٤٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٢٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٥٢)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>