للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنسانًا يَسرقُ الوَديعةَ وهو قادِرٌ على مَنعِه ضمِنَ؛ لترَكَ الحِفظَ المُلتزَمَ بالعَقدِ، وهو مَعنى قَولِ مَشايخِنا إنَّ المُودَعَ يُؤخذُ بضَمانِ العَقدِ (١).

وقالَ أَبو مُحمَّدِ بنِ غانِمِ بنِ مُحمَّدِ البَغداديُّ الحَنفيُّ : أُحرقَ بَيتُ المُودَعِ فلمْ يَنقلِ الوَديعةَ إلى مَكانٍ آخرَ معَ إِمكانِه يَضمنُ إذا تمكَّنَ مِنْ حِفظِها بنَقلِها إلى مَكانٍ آخرَ (٢).

وقالَ الإِمامُ الماوردِيُّ : إذا دَعَت الضَّرورةُ إلى إِخراجِها مِنْ الحِرزِ الذي عيَّنَه لحِفظِ الوَديعةِ فيه مِنْ غِشيانِ نارٍ أو حُدوثِ حَريقٍ فهذا على ضَربينِ:

أَحدُهما: أنْ يَنصَّ المُودِعُ على ألَّا يُخرِجَها منه في هذه الأَحوالِ.

والثانِي: ألَّا يَنصَّ.

فإنْ لمْ يَنصَّ على ذلك بل نَهى عن إِخراجِها منه على الإِطلاقِ جازَ -معَ حُدوثِ هذه الضَّروراتِ المُتجدِّدةِ- إِخراجُها؛ لأنَّ نَهيَه عن إِخراجِها إنما هو لفَرطِ الاحتِياطِ في حِفظِها، فلمْ يَجزْ تَركُها في مَكانٍ يُفضي إلى تَلفِها، فإنْ ترَكَها ولمْ يَنقلْها حتى تلِفَت فعليه الضَّمانُ لتَفريطِه بالتَّركِ.

وإنْ نصَّ على ألَّا تَخرجَ منه وإنْ غشِيَت نارٌ أو حدَثَت غارَةٌ، فإنْ كانَ حَيوانًا يَخافُ على نَفسِه مِنْ غِشيانِ النَّارِ كانَ هذا فيه شَرطًا باطِلًا، ولزِمَ


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١١).
(٢) «مجمع الضمانات» (١/ ٢١٢)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٥/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>