سُئلَ الإِمامُ مالِكٌ ﵀ عن الرَّجلِ يَستودِعُ الرَّجلَ الوَديعةَ فيَستودعُها غيرَه، هل عليه ضَمانٌ؟
قالَ: إنْ كانَ رَجلٌ أرادَ سَفرًا، أو كانَ بَيتُه مُعوِرًا، أو ما أشبَهَ هذا مِنْ العُذرِ، فأَرى ألَّا ضَمانَ عليه، وإنْ كانَ ليسَ له عُذرٌ مِنْ هذا فأَراه ضَامنًا (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه لا يَجوزُ له الدَّفعُ إلى أَجنبيٍّ معَ وُجودِ الحاكِمِ.
قالَ الشافِعيةُ: إذا وُجدَ عُذرٌ فاستَطاعَ المُودَعُ أنْ يَردَّ الوَديعةَ إلى مالِكِها أو وَكيلِه ردَّها عليهم، ولا يَجوزُ له أنْ يُودعَها عندَ أَجنبيٍّ، فإنْ فعَلَ ضمِنَ.
فإنْ فُقدَ المالِكُ أو وَكيلُه لغَيبةٍ أو حَبسٍ أو تَوارٍ ولمْ يَتمكَّنْ مِنْ الوُصولِ إليهما فيَردُّها إلى الحاكِمِ إذا كانَ ثِقةً مَأمونًا لأنَّه نائبُ الغائِبِ، ويَلزمُه القَبولُ والإِشهادُ على نَفسِه بقَبضِها ولو أمَرَه القاضِي بدَفعِها إلى أَمينٍ جازَ.
فإنْ فُقدَ الحاكِمُ بأنْ لمْ يَكنْ في البَلدِ حاكِمٌ أو كانَ الحاكِمُ غيرَ أَمينٍ فيَدفعُها إلى أَمينٍ يَأتمنُه عليها، ويَجبُ عليه الإِشهادُ في أَصحِّ الوَجهينِ لأنَّ الأَمينَ قد يُنكرُ.
فإنْ دفَعَها إلى الحاكِمِ، أو الأَمينِ معَ قُدرتِه على المالِكِ أو وَكيلِه