للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانِي لا يَرجعُ بالضَّمانِ على الأَولِ؛ لأنَّ سَببَ وُجوبِ الضَّمانِ وُجدَ مِنْ الثانِي حَقيقةً وهو الاستِهلاكُ (١).

وقالَ المالِكيةُ: المُودَعُ إذا حدَثَ عندَه عُذرٌ بأنْ خافَ عَورةَ مَنزلِه أو هَدمَ دارِه أو جارَ سُوءٍ فإنِ استَطاعَ أنْ يَردَّها إلى ربِّها ولمْ يَردَّها إليه ضمِنَها؛ لأنَّه قدَرَ على المالِكِ، فإنْ عجَزَ عن الرَّدِ لربِّها سَواءٌ كانَ لغَيبةٍ أو سِجنٍ فله إِيداعُها عندَ أَمينٍ ولا ضَمانَ عليه إنْ تلِفَت أو ضاعَت عندَ المُودَعِ الثانِي، ويَجبُ عليه الإِشهادُ أنَّه أودَعَ لهذا العُذرِ، ولا يُصدَّقُ إنْ ادَّعى أنَّه أودَعَ للعُذرِ بلا بَينةٍ، ولا بدَّ مِنْ مُعاينةِ البَينةِ للعُذرِ، ولا يَكفي قَولُه: اشهَدُوا أنِّي أودَعْتُها للعُذرِ مِنْ غيرِ أنْ تَراه.

وهذا الحُكمُ فيما لو حدَثَ هذا العُذرُ بعدَ الإِيداعِ، أما لو كانَ مَوجودًا عندَ الإِيداعِ والمُودِعُ -بكَسرِ الدَّالِ- عالِمٌ فليسَ للمُودَعِ-بالفَتحِ- أنْ يُودعَها غيرَه، ولا ضَمانَ عليه إنْ تلِفَت حيثُ لمْ يُودعْها، وإنْ كانَ غيرَ عالِمٍ ضمِنَها المُودَعُ سَواءٌ ضاعَت عندَه أو عندَ غيرِه، إلا أنْ يَكونَ ضَياعُها عندَه مِنْ غيرِ ذلك السَّببِ الذي خافَ منه (٢).


(١) بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٨)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٢١١)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٥٠، ١٥١)، و «الاختيار» (٣/ ٣٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٣٣)، و «اللباب» (١/ ٦٤٤).
(٢) «التاج والإكليل» (٤/ ٢٦٦)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٢٣٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٥٠، ٣٥١)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١١٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٢٧، ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>