للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأذِنَ له في رُكوبِها أو ثَوبًا وأذِنَ له في لُبسِه فهو إِيداعٌ فاسِدٌ، فلو ركِبَ أو لبِسَ صارَت عارِيةً فاسِدةً، فإذا تلِفَ قبلَ الرُّكوبِ والاستِعمالِ لمْ يَضمنْ كما في صَحيحِ الإِيداعِ إِلحاقًا لفاسِدِ الوَديعةِ بصَحيحِها في الضَّمانِ وعَدمِه، وإنْ تلِفَت بعدَه ضمِنَ كما في صَحيحِ العارِيةِ إِلحاقًا لفاسِدِ العارِيةِ بصَحيحِها في الضَّمانِ وعَدمِه، ووَجهُ فَسادِ العارِيةِ في هذه الحالَةِ أنَّه لمْ يَجعلِ الإِعارةَ فيها مَقصودةً، وإنما جعَلَها شَرطًا في مُقابلةِ الحِفظِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ أذِنَ المالِكُ للمَدفوعِ إليه المالُ في التَّصرفِ -أي استِعمالِه- ففعَلَ واستَعملَه حسبَ الإِذنِ صارَت عارِيةً مَضمونةً كالرَّهنِ إذا أذِنَ ربُّه للمُرتَهنِ في استِعمالِه، فإنْ لمْ يَستعملْها فهي أَمانةٌ؛ لأنَّ الانتِفاعَ غيرُ مَقصودٍ ولمْ يُوجدْ فوجَبَ تَغليبُ ما هو المَقصودُ (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ المُودِعَ إذا أذِنَ للمُودَعِ في استِعمالِ الوَديعةِ جازَ له أنْ يَستعملَها ولا تَنقلبُ عارِيةً ولا ضَمانَ عليه إذا تلِفَت بغيرِ تعدٍّ منه ولا تَفريطٍ، وأنَّ الاستِعمالَ لا يُنافي الإِيداعَ، ولذا صحَّ الأَمرُ بالحِفظِ مع الاستِعمالِ ابتداءً (٣).


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٥)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٣١٣)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ١٣٢).
(٢) «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٣).
(٣) «المبسوط» (١١/ ١١٥)، و «العناية» (١٢/ ٢١٨)، و «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» (٣/ ٤٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>