للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَظهرُ ثَمرةُ الخِلافِ في الفُروعِ التالِيةِ:

أ- لو أودَعَ وشرَطَ شَرطًا فاسِدًا قالَ الإِمامُ: «فمَن جعَلَها عَقدًا أفسَدَها، ولا بدَّ مِنْ ائتِمانٍ جَديدٍ، وإلا كانَ كما لو طيَّرَت الرِّيحُ ثَوبًا إلى دارِه، ومَن لمْ يَجعلْها عَقدًا ألغى الشَّرطَ الفاسِدَ، وأبْقَى مُوجِبَ الإِيداعِ.

ب- إذا عزَلَ المُودَعُ نَفسَه في غَيبةِ المُودِعِ ففي انعزالِه وَجهانِ:

فإنْ قلْنا: «الوَديعةُ عَقدٌ» انعزَلَ وتَبقى الوَديعةُ أَمانةٌ شَرعيةٌ في يدِه كثَوبِ الغَيرِ الذي طيَّرَه الرِّيحُ إلى دارِه، فيَجبُ عليه الردُّ عندَ التَّمكنِ، وإنْ لمْ يَطلبْ صاحِبَه على الأَصحِّ، فإنْ لمْ يَفعلْ ضمِنَ.

والثانِي: أنَّها أَمانةٌ، فلا يَضمنُ إلا عندَ التَّقصيرِ.

وإنْ قُلْنا: «ليسَت بعَقدٍ، بل إِذنٌ» فلا يَنعزلُ؛ لأنَّ ابتِداءَه بالفِعلِ، فكذا رَفعُه، كما لو أذِنَ للضَّيفانِ في أكلِ طَعامِه فقالَ بَعضُهم: عزَلْت نَفسِي، يَلغو قَولُه، وله الأَكلُ بالإِذنِ السَّابقِ، فعلى هذا تَبقى الوَديعةُ بحالِها.

ج- إذا أَكرَه صاحِبُ المالِ شَخصًا على قَبولِ الوَديعةِ.

فإنْ قُلْنا: «عَقدٌ» لمْ يَثبتْ حُكمُ الإِيداعِ، وإنْ قُلْنا: «إِذنٌ» مُجرَّدٌ ثبَتَ حُكمُها، وهو المَرويُّ عن ابنِ أبي هُريرةَ.

د- في كونِ وَلدِ الوَديعةِ وَديعةً وَجهانِ: يَنبنيانِ على أنَّ الوَديعةَ عَقدٌ أم لا؟

فإن قُلْنا: «الوَديعةُ عَقدٌ»، فالوَلدُ وَديعةٌ كالأُمِّ، وإنْ قُلْنا: «إِذنٌ»، فليسَ بوَديعةٍ، بل هو أَمانةٌ شَرعيةٌ في يدِه يَجبُ ردُّه في الحالِ إذا تمكَّنَ وإلا ضمِنَ على الأَصحِّ (١).


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٥٧٧)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٧٥)، و «الأشباه والنظائر» للسبكي (١/ ٣٨١)، وباقي المَصادِر السَّابقَة في المَذاهبِ الأُخرَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>