للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخذَ الأُجرةِ على الوَديعةِ لا يُغيِّرُ شَيئًا مِنْ أَحكامِ الأَمانةِ أو الضَّمانِ فيها كالوَكالةِ، فعليه لا يَضمنُ المُودَعُ الوَديعةَ إذا تلِفَت أو ضاعَت مِنْ غَيرِ تَعدٍّ ولا تَفريطٍ مُطلَقًا، سَواءٌ كانَت بأَجرٍ أو بغَيرِ أَجرٍ، وسواءٌ كانَت مما يُمكنُ التَّحرُّزُ عنه أم لا (١).

وأما الحَنفيةُ فيُفرِّقُونَ في الضَّمانِ بينَ ما إذا كانَت الوَديعةُ بأَجرٍ أو بغَيرِ أَجرٍ فقالُوا: الوَديعةُ أَمانةٌ في يدِ الوَديعِ، بِناءً عليه إذا هلَكَت بلا تَعدٍّ مِنْ المُستودَعِ وبدونِ صُنعِه وتَقصيرِه في الحِفظِ فلا يَلزمُ الضَّمانُ، إلا أنَّه إذا كانَ الإِيداعُ بأُجرةٍ على حِفظِ الوَديعةِ فهلَكَت أو ضاعَت بسَببٍ يُمكنُ التَّحرزُ منه لزِمَ المُستودَعَ ضَمانُها، مثلًا لو وقَعَت السَّاعةُ المُودعَةُ مِنْ يدِ الوَديعِ بلا صُنعِه فانكسَرَت لا يَلزمُ الضَّمانُ، أما لو وُطئَت السَّاعةُ بالرِّجلِ أو وقَعَ مِنْ اليدِ عليها شيءٌ فانكَسرَت لزِمَ الضمانُ، كذلك إذا أودَعَ رَجلٌ مالَه عندَ آخرَ وأَعطاه أُجرةً على حِفظِه فضاعَ المالُ بسَببٍ يُمكنُ التَّحرزُ منه كالسَّرقةِ والغَصبِ فيَلزمُ المُستودَعَ الضَّمانُ، وأما إنْ حصَلَ التَّلفُ أو الهَلاكُ بسَببٍ لا يُمكنُ التَّحرزُ منه كحَريقٍ غالبٍ فإنَّ المُودَعَ لا يَضمنُ، سَواءٌ كانَت الوَديعةٌ بأُجرةٍ أو بغَيرِ أُجرةٍ، هكذا جاءَ في «مَجلة الأَحكامِ العَدليةِ» على المَذهبِ الحَنفيِّ (٢).


(١) «شرح ميارة» (٢/ ٣٢٧)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٤٦٩، ٤٧٠)، و «الثمر الداني» (١/ ٥٢٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٥)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٣١٢)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ١٣٢)، و «الديباج» (٣/ ١١٠).
(٢) يُنْظَر: «مرشد الحيران» (٣/ ١٢١٤)، و «مجلة الأحكام» ص (١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>