للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطَ باطِلٌ ولا أثَرَ له؛ لأنَّ ضَمانَ الأَماناتِ غَيرُ صَحيحٍ، وذلك لأنَّ اشتِراطَ الضَّمانِ على الأَمينِ باطِلٌ؛ لأنَّ جَعلَ ما أَصلُه أَمانةٌ مَضمونًا بالشَّرطِ باطِلٌ كمالِ المُضاربةِ والشَّركةِ والوَكالةِ، ولأنَّه شَرطُ ما لمْ يُوجدْ سَببُ ضَمانِه فلمْ يَلزمْه، كما لو شرَطَ ضَمانَ ما يَتلفُ في يدِ مالِكِه، ولأنَّ شَرطَ ضَمانِها يُخرِجُها عن حَقيقتِها ويُخالفُ ما يُوجبُه الحُكمُ.

وكذلك الحُكمُ إذا اشتَرطَ نفيَ ضَمانِها إذا تَعدَّى أو فرَّطَ، أنَّه لا يَنتفي عنه الضَّمانُ، وتَصيرُ مَضمونةً عليه؛ لأنَّ ما لا يَجبُ ضَمانُه لا يَصيِّرُهُ الشَّرطُ مَضمونًا، وما يَجبُ ضَمانُه لا يَنتفي ضَمانُه بشَرطِ نَفيِهِ.

قالَ الإِمامُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفقوا على أنَّه إذا أودَعَه على شَرطِ الضَّمانِ فإنَّه لا يَضمنُ، والشَّرطُ باطِلٌ (١).

وقالَ القاضِي عبدُ الوَهابِ : إذا أودَعَه وشرَطَ الضَّمانَ لم يَضمنْ، خِلافًا للعَنبريِّ؛ لأنَّ جعْلَ ما أَصلُه أَمانةٌ لا يَصيرُ مَضمونًا بالشَّرطِ، كالشَّركةِ والوَكالاتِ (٢).

وقالَ العِمرانِيُّ : فإنْ شرَطَ المُودِعُ الضَّمانَ على المُودَعِ لمْ يَجبْ عليه الضَّمانُ بذلك، وهو قَولُ العُلماءِ كافةً، إلا عُبيدَ اللهِ بنَ الحَسنِ العَنبريِّ، فإنَّه قالَ: عليه الضَّمانُ، وهذا غَيرُ صَحيحٍ لمَا ذكَرْناه مِنْ الخَبرِ،


(١) «الإفصاح» (٢/ ١٠).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١١٥، ١١٦)، رقم (٩٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>