جاءَ في «مَجلة الأَحكامِ العدليةِ» على المَذهبِ الحَنفيِّ المادةُ (٧٧٤): «لكلٍّ مِنْ المُودِعِ والمُستودَعِ فسخُ عَقدِ الإِيداعِ متى شاءَ».
وجاءَ في شَرحِها: الإِيداعُ ليسَ عَقدًا لازمًا، يَعني أنه ليسَ لازمًا بحقِّ أحدٍ مِنْ الطَّرفينِ، وفي هذا التَّقديرِ للمُودعِ أنْ يَستردَّ وَديعتَه متى شاءَ؛ لأنَّه صاحبُ المالِ، ولصاحبِ الوَديعةِ أيضًا أنْ يَردَّ الوَديعةَ متى أَرادَ؛ لأنَّه مُتبَرِّعٌ بخُصوصِ حِفظِ الوَديعةِ (البَاجوريّ).
فبِناءً عليه لكلٍّ مِنْ المُودِعِ والمُستودَعِ صَلاحيةُ فَسخِ الإِيداعِ متى أَرادَ، سَواءٌ أكانَ عَقدُ الإِيداعِ مُوقَّتًا لسنةٍ وَاحدةٍ مثلًا أم لمْ يَكنْ، ويُستفادُ مِنْ المادةِ أنَّ للمُودِعِ فسخُ الإِيداعِ وحدَه بالاستِقلالِ، فلذلك متى طلَبَ المُودِعُ وَديعتَه يُقدِّمُها له؛ لأنَّ هذا الطَّلبَ يَتضمَّنُ فسخَ عقدِ الإِيداعِ، فإذا امتَنعَ المُستودَعُ عن إِعادتِها ثمَّ هلَكَت الوَديعةُ لزِمَ ضَمانُها على المُستودَعِ، ولو كانَ هَلاكُها بلا تَعدٍّ ولا تَقصيرٍ، وعندَما تُطلَبُ الوَديعةُ مِنْ المُستودَعِ ليسَ له أنْ يَمتنِعَ عن تَسليمِها في الحالِ قائلًا: «حينَما سلَّمتَني كانَ ذلك بحُضورِ شاهِدينِ وأنا أيضًا أُسلِّمكَ بحضورِ شاهِدينِ»؛ لأنَّ المُستودَعَ مُصدَّقٌ باليَمينِ بمُوجَبِ المادةِ وغيرَ مُحتاجٍ لإِثباتِ الردِّ بالشُّهودِ، وعليه فلا حقَّ له بالتَّأخيرِ بحُجةِ الإِشهادِ (البَاجوريّ). إنما عَقدُ الإِيداعِ يَكونُ لازمًا في مَسألةٍ واحدةٍ، وهي: إذا كانَ الحِفظُ في مُقابلةِ أُجرةٍ، فحيثُ إنَّ عَقدَ الوَديعةِ هذا عَقدُ حفظٍ وفيه المُستودَعُ أَجيرٌ مُشتَرَكٌ فيَصيرُ العَقدُ المَذكورُ عَقدَ إِجارةٍ، وليسَ لأحدِ الطَّرفينِ أنْ يَفسخَه قبلَ تَمامِ المدَّةِ، كما هو مَذكورٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute