للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للابنِ، كذلك إِضافةُ مالِه إليه، لا على وَجهِ المِلكِ، ولكنَّه لا يَنبَغي لابنِه أنْ يُخالفَ أباه فيما يَأمرُه به في نَفسِه ومالِه ممَّا أباحَه اللهُ تَعالى له.

وذلك نحوَ قَولِ النَّبيِّ : «ما نفَعَني مالٌ قَطُّ ما نفَعَني مالُ أَبي بَكرٍ». فقالَ أَبو بَكرٍ : إنَّما أنا ومالي لكَ يا رَسولَ اللهِ (١)، فلم يُرِدْ بذلك المِلكَ، وإنَّما أرادَ أنَّ أمرَه مُطلقٌ فيهما كانطِلاقِه في مالِ نَفسِه، كذلك ما وصَفنا (٢).

قالَ الحَنفيةُ -وهو أيضًا قَولُ سائِرِ الفُقهاءِ كما سيَأتي مُفصَّلًا في كِتابِ النَّفقةِ-: ونَفقةُ الآباءِ والأَجدادِ إذا كانوا فُقراءَ على الأَولادِ الذُّكورِ والإناثِ، قالَ تَعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ [الإسراء: ٢٣] نَهاه عن الإضرارِ بهما بهذا القَدرِ، وتَركُ الإِنفاقِ عليهما عندَ حاجتِهما أكثَرُ إِضرارًا من ذلك، وقالَ : «أنتَ ومالُك لأَبيك»، وقالَ: «إنَّ أطيَبَ ما أكَلَ الرَّجلُ من كَسبِه، وإنَّ وَلدَه من كَسبِه، فكُلوا من كَسبِ أولادِكم»، فإذا كانَ مالُ الابنِ يُضافُ إلى الأبِ بأنَّه كَسبُه، صارَ غَنيًّا به، فتَجبُ نَفقتُه فيه، وقالَ تَعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ [العنكبوت: ٨] أي: يُحسنُ إليهما، وليسَ إِحسانًا تَركُهما مُحتاجَين مع قُدرتِه على دَفعِ حاجَتِهما، وقالَ تَعالى في حَقِّ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أحمد (٤٧٩٣)، وابن ماجه (٩٤).
(٢) «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٢٨٢، ٢٨٤)، و «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٥٨، ١٥٩)، و «شرح مشكل الآثار» (٤/ ٢٧٧، ٢٧٩)، و «المدونة الكبرى» (١٣/ ٣١٦)، و «البيان والتحصيل» (٤/ ٤٧٣)، و «الإفصاح» (٢/ ٥٧)، و «البيان» (١١/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>