الوَالدَينِ الكافِرَينِ: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥] وليسَ من المَعروفِ تَركُهما جائِعَينِ، وهو قادِرٌ على إِشباعِهما، وهو على الذُّكورِ والإناثِ على السَّواءِ في رِوايةٍ، وهو المُختارُ، لاستِوائِهما في العِلةِ والخِطابِ، وقيلَ: على قَدرِ الإرثِ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] ويُشترطُ فَقرُهم؛ لأنَّ إِيجابَ نَفقةِ الغَنيِّ في مالِه أَولى.
وإذا باعَ الأبُ مَتاعَ ابنِه في نَفقتِه جازَ، وقالا: لا يَجوزُ، وفي العَقارِ لا يَجوزُ بالإِجماعِ، ولو أنفَقَ من مالٍ له في يَدِه جازَ بالإِجماعِ؛ لأنَّه ظفِرَ بجِنسِ حَقِّه فله أنْ يَأخذَه؛ لأنَّ نَفقتَه واجِبةٌ قبلَ القَضاءِ لمَا بَيَّنَّا، والأُمُّ في هذا كالأبِ، لهما أنَّ البُلوغَ انقطَعَت ولايَتُه عنه وعن مالِه حتى لا يَملكَ ذلك في حَضرتِه، ولا في دَينٍ غيرِ النَّفقةِ، وصارَ كالأُمِّ، وله -وهو الاستِحسانُ- أنَّ للأبِ أنْ يَحفظَ مالَ ابنِه الغائِبِ كالوَصيِّ بل وأَولى؛ لأنَّه أوفَرُ شَفقةً، وبَيعُ النُّقلَى من بابِ الحِفظِ، فإذا باعَه فالثَّمنُ من جِنسِ حَقِّه وهو نَفقتُه فيأخُذُ منه حَقَّه، ولا كذلك العَقارُ؛ فإنَّه مَحفوظٌ بنَفسِه، وبخِلافِ الأُمِّ وغيرِها من الأَقاربِ؛ لأنَّه لا وِلايةَ لهم حالَ صِغرِه، ولا يُوجدُ وِلايةُ الحِفظِ حالةَ الغَيبةِ مع الكبَرِ فافتَرَقا (١).
(١) «الاختيار» (٤/ ١١، ١٤)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٦٤).