«لا»، وقد أمَرَه أنْ يُضحِّيَ من مالِه وحَضَّه عليه، دَلَّ ذلك على أنَّ حُكمَ مالِ ابنِه خِلافُ مالِه، مع أنَّ أَولى الأَشياءِ بنا حَملُ هذه الآثارِ على هذا المَعنى؛ لأنَّ كِتابَ اللهِ ﷿ يَدلُّ على ذلك، قالَ اللهُ ﷿: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ ثم قالَ: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ﴾ [النساء: ١١] فورَّثَ اللهُ ﷿ غيرَ الوَلدِ مع الوالِدِ من مالِ الابنِ، فاستَحالَ أنْ يَكونَ المالُ للأبِ في حَياةِ الابنِ ثم يَصيرَ بَعضُه لغيرِ الأبِ، قالَ اللهُ ﷿: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١١] فجعَلَ اللهُ ﷿ المَواريثَ للوالِدِ وغيرِه بعدَ قَضاءِ دَينٍ إنْ كانَ على المَيِّتِ، وبعدَ إنفاذِ وَصاياهُ من ثُلثِ مالِه.
قالَ الطَّحاويُّ ﵀: وقد أجمَعوا على أنَّ الأبَ لا يَقضي من مالِه دَينَ ابنِه، ولا يُنفذُ وَصايا أَبيه من مالِه، ففي ذلك ما قد دَلَّ على ما ذكَرنا، وقد أجمَعَ المُسلِمونَ على أنَّ الابنَ إذا ملَكَ مَملوكةً حَلَّ له أنْ يَطأَها، وهي ممَّن أباحَ اللهُ ﷿ له وَطأَها بقَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المؤمنون: ٥، ٦] فلو كانَ مالُه لأبيه إذًا لحرُمَ عليه وَطءُ ما كسَبَ من الجَواري كحُرمةِ وَطءِ جَواري أبيه عليه، فدَلَّ ذلك أيضًا على انتِفاءِ مِلكِ الأبِ لمالِ الابنِ، وأنَّ مِلكَ الابنِ فيه ثابِتٌ دونَ أَبيه، وهذا قَولُ أَبي حَنيفةَ وأَبي يُوسفَ ومُحمدٍ ﵏.
وأمَّا قَولُ النَّبيِّ ﷺ:«أنتَ ومالُك لأبيك»، قيلَ له: مَعنى أنَّه في مالِ ابنِه كهو في الابنِ نَفسِه، فلمَّا لم يَكنْ إِضافةُ الابنِ إليه مُوجِبةً لمِلكِه