للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقَولِ النَّبيِّ : «لا يَحلُّ مالُ امرِئٍ مُسلمٍ إلا عن طيبِ نَفسٍ منه» (١)، ولأنَّ مِلكَ الابنِ تامٌّ على مالِ نَفسِه فلم يَجُزِ انتِزاعُه منه كالذي تعَلقَت به حاجَتُه.

وقد رُوي عن النَّبيِّ ذلك مَنصوصًا، فعن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو قالَ: أتى رَجلٌ رَسولَ اللهِ فقالَ: أقرِئْني يا رَسولَ اللهِ، قالَ له: اقرَأْ ثَلاثًا من ذاتِ ﴿الر﴾، فقالَ الرَّجلُ: كبِرَت سِنِّي واشتَدَّ قَلبي وغلُظَ لِساني، قالَ: فاقرَأْ من ذاتِ ﴿حم﴾، فقالَ مِثلَ مَقالتِه الأُولى، فقالَ: اقرَأْ ثَلاثًا من المُسبِّحاتِ. فقالَ مِثلَ مَقالتِه، فقالَ الرَّجلُ: ولكنْ أقرِئْني يا رَسولَ اللهِ سُورةً جامِعةً. فأقرَأَه ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ﴾ [الزلزلة: ١] حتى إذا فرَغَ منها قالَ الرَّجلُ: والذي بعَثَك بالحَقِّ لا أزيدُ عليها أبدًا. ثم أدبَرَ الرَّجلُ، فقالَ رَسولُ اللهِ : «أفلَحَ الرُّويجِلُ، أفلَحَ الرُّويجِلُ»، ثم قالَ: «علَيَّ به». فجاءَه فقالَ له: أُمرتُ بيَومِ الأَضحى، جعَلَه اللهُ عِيدًا لهذه الأُمةِ. فقالَ الرَّجلُ: أَرأيتَ إنْ لم أجِدْ إلا مَنيحةَ ابني، أفأُضحِّي بها؟ قالَ: «لا، ولكنْ تأخُذُ من شَعرِك وتُقلِّمُ أظفارَك وتَقصُّ شارِبَك وتَحلقُ عانَتَك، فذلك تَمامُ أُضحيَّتِك عندَ اللهِ» (٢). فلمَّا قالَ هذا الرَّجلُ: يا رَسولَ اللهِ، أُضحِّي بمَنيحةِ ابني، قالَ رَسولُ اللهِ :


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الدارقطني (٢٩٢٤).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه الإمام أحمد (٦٥٧٥)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٥٩)، والفريابي في «أحكام العيدين» ص (٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>