للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ظاهِرِ رِوايةِ حَربٍ؛ لتَغايُرِ القَبضَين، فلا بدَّ من تَمييزٍ؛ لأنَّ اليَدَ التي لجِهةِ المُتهَبِ هنا هي نَفسُها يَدُ الواهِبِ، فلا يُؤمَنُ أنْ يَدَّعيَه في ثانيةِ الحالاتِ، أو يَدَّعيَه الوَرثةُ تَركةً فيَذهبَ على الطِّفلِ.

ولا يَحتاجُ أبٌ وهَبَ طِفلَه إلى قَبولٍ للاستِغناءِ عنه بقَرائنِ الأَحوالِ.

ولا يَصحُّ قَبضُ الطِّفلِ -أي: غيرِ البالِغِ- ولو كانَ غيرُ البالِغِ مُميِّزًا، ولا قَبضُ مَجنونٍ؛ لنَفسَيْهما ولا قَبولُهما الهِبةَ؛ لانتِفاءِ أهليةِ التَّصرفِ، بل يَقبلُ ويَقبضُ لهما وَليُّهما؛ لأنَّه المُتصرفُ عليهما، فالأبُ الأمينُ -أي: العَدلُ ولو ظاهِرًا- يَقومُ مَقامَهما في ذلك، ثم عندَ عَدمِه وَصيٌّ ثم حاكِمٌ أمينٌ كذلك أو مَنْ يُقيمونه مَقامَهم، وعندَ عَدمِهم -أي: الأَولياءِ- يَقبضُ له مَنْ يَليه مِنْ أُمٍّ وقَريبٍ وغيرِها نَصًّا، قالَ ابنُ الحَكمِ: سُئلَ أحمدُ: أيُعطِي من الزَّكاةِ الصَّبيُّ؟ قالَ: نَعمْ، يُعطي أَباه أو مَنْ يَقومُ بشأنِه. ورَوى المَروزيُّ أيضًا نَحوَه.

قالَ الحارِثيُّ: وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّه جَلبُ مَنفعةٍ ومَحلُّ حاجةٍ، لكنْ يَصحُّ منهما -أي: الصَّغيرِ والمَجنونِ- قَبضُ المأكولِ الذي يُدفعُ مِثلُه للصَّغيرِ؛ لحَديثِ أَبي هُريرةَ: «كانَ الناسُ إذا رأوْا أوَّلَ الثِّمارِ جاؤُوا به إلى رَسولِ اللهِ ، فإذا أخَذَه قالَ: اللَّهمَّ بارِكْ لنا في ثَمرِنا. يُعطيه أصغَرَ مَنْ يَحضُرُه من الوِلدانِ» (١) أخرَجَه مُسلمٌ.


(١) أخرجه مسلم (١٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>